عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (اِضمَنُوا لي سِتًّا أَضمَنْ لَكُمُ الجَنَّةَ : اُصدُقُوا إِذَا حَدَّثتُم ، وَأَوفُوا إِذَا وَعَدتُم ، وَأدُّوا إِذَا ائتُمِنتُم ، وَاحفَظُوا فُرُوجَكُم ، وغُضُّوا أَبصَارَكُم، وكُفُّوا أَيدِيَكُم) رواه أحمد. هذا الحديث اشتمل على وصايا عديدة ، مضى الحديث عن بعضها ، سوى كف اليد ، والمعنى : امنعوها من تعاطي ما لا يجوز تعاطيه شرعا فلا تضربوا بها من لا يسوغ ضربه ولا تناولوا بها مأكولا أو مشروبا حراما ، ولا تبسطوها لما لا يحل ، ونحو ذلك فمن فعل ذلك فقد حصل على رتبة الاستقامة المأمور بها في القرآن وتخلق بأخلاق أهل الإيمان. قال ابن تيمية : تكفل بالجنة لمن أتى بهذه الست خصال فالثلاثة الأولى تبرئة من النفاق والثلاثة الأخرى تبرئة من الفسوق والمخاطبون مسلمون فإذا لم يكن منافقا كان مؤمنا وإذا لم يكن فاسقا كان تقيا فيستحق الجنة. وقد جاء وصف المسلم بالكف في حديث آخر ، وهو (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) ، وخص اللسان لأنه يعبر عما أضمره الإنسان في نفسه ، وخصت اليد بالذكر لأن سلطته الأفعال إنما تظهر باليد إذ بها البطش والقطع والأخذ والمنع والإعطاء ونحوه. وسئل صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟ وذكر منها : (تكف شرك عن الناس ، فإنها صدقة). فالمسلم مطالبٌ بكف أذاه عن إخوانه سواء كان الأذى قولياً أو فعلياً ، ويظلم بعضنا نفسه عندما يتخوض في أموال الناس وأعراضهم ، فالحلال عنده ماحلَّ بيده بأي طريقة كانت ، والحرام عنده هو مالم تطاله يده. وقل مثل ذلك فيمن يوصل أذاه لإخوانه بالضرب وما يلحقه من سباب وشتائم ، مما نحتاج معه أن نعيد النظر في طبيعة علاقتنا مع كافة الخلق بعامة ، وأهل الإسلام بخاصة.