توقع بعض المراقبين الغربيين بأن الأزمة السورية ستستمر لبضع سنوات، لا يبدو صائبًا البتة في ظل تطور الأحداث المأساوية الأخيرة، وهو ما تمثل في المذبحة التي شهدتها بلدة التريمسة بريف مدينة حماة السورية أمس الأول، والتي أودت بحياة 220 ضحية باستخدام النظام القصف العشوائي للمدفعية الثقيلة، وقصف المناطق السكنية بطائرات الهليكوبتر، الأمر الذي أدّى إلى ردود فعل عالمية غير مسبوقة في حدتها، عندما صدرت بيانات شجب وإدانة من كافة دول العالم تقريبًا، وهو ما يؤذن ببداية نهاية النظام السوري، الذي يُعتبر صورة طبق الأصل من الأنظمة النازية، والفاشستية، والصهيونية، التي اقترنت بجرائم الإبادة الجماعية، والمجازر الوحشية ضد الأبرياء من المدنيين. تبدو المفارقة صاخبة في اعتبار دمشق تلك المذبحة التي صدمت مشاعر العالم كله بأنها "عملية نوعية، جاءت استجابة لاستغاثات الأهالي الذين تعرّضوا لاعتداءات من قِبل مجموعات إرهابية مسلحة"، فحتى لو افترضنا أن هذا القول صحيح -وهو ما يبدو مستحيلاً- فإنه ليس من المعقول، ولا من المنطق أن تكون "الجماعات الإرهابية المسلحة" قتلت هذا العدد الكبير من الأهالي، الذين قتلهم النظام. المذبحة بكل ما حملته من معاني الإجرام، والتجرد من نوازع الإنسانية والأخلاق والضمير، تؤكد بما لا يدع أي مجال للشك بأن الحديث عن خطة سلام، وبعثة دولية ووسيط دولي لا جدوى منه، بل إنه يؤدي إلى تمادي سفاح سوريا في جرائمه ومجازره ضد شعبه. المطلوب الآن أن يقف المجتمع الدولي كله موقفًا حازمًا وحاسمًا يتجاوز مرحلة الإدانة والشجب والاستنكار، ويرقى إلى مستوى المسؤولية الأخلاقية عبر إجراءات عملية وعاجلة توضح لهذا النظام الإرهابي أنه ستكون هنالك "عواقب وخيمة" للمجازر التي يرتكبها ضد شعبه. موقف مجلس الأمن الدولي من جرائم الإبادة وتعطيل روسيا والصين لقرار يستند إلى البند السابع كآلية وحيدة لوقف مجازر النظام يضع النظام الدولي برمته أمام امتحان صعب، وهو ما يدعو إلى إعادة النظر بشكل عاجل في نظام "الفيتو" الذي أصبح يستخدم سلاحًا ضد شرعة الأممالمتحدة نفسها، بحيث تصبح قرارات المجلس سارية المفعول بالأغلبية، وليس باعتراض عضو واحد، أو عضوين من أعضاء الدول الخمس دائمة العضوية في المجلس.