قال الأقرع بن حابس للنبي صلى الله عليه وسلم: لي عشرة من الولد ما قبّلتُ أحدًا منهم. كم من إنسان بهذا الجفاف مع بنيه، أو بناته؟ وهل يشعر المرء بالإهانة مثلاً حين يظهر عاطفته لقريب منه؟ البعض لا ينادي امرأته باسمها الذي تحبه، ويتعمّد أن يناديها بما لا تحب. وقد يوجد مَن يعيش مع زوجة لا يناديها باسمها طيلة عمرهما الزوجي!! البعض يدخل بيته، وفيه مَن يقيم معهم إقامة دائمة، كالأم، والإخوة، والأخوات، وتراه لا يسلّم أبدًا. بل تراه جاهمًا نكدًا، وحين يدخل تجد أهله وجلين من ردود أفعاله. دخول وخروج متكرر، ومخالطة، ولا سلام، ولا كلام! البعض يدخل المسجد، ولا يسلم على مَن سبقه. البعض يمر من أمام جاره، فيعرض هذا، ويعرض هذا. إن كنتَ واحدًا منهم؛ فالحذر.. الحذر، فيُخشى عليك من الكبر، وسوء الخلق. يقول الحبيب المصطفى: (البداءة بالسلام أمان من الكبر) فانجُ بنفسك. ما أجمل أن تبدأ بالسلام، وأن تبدأ بالابتسامة في يومك كله. ما أجمل أن يكون وجودك في أي مكان باعثًا على السلام، والطمأنينة، والتفاؤل. كان بعض الصحابة يمرون بالسوق وبمجرد ما يراهم الناس يضجون بأنواع من السنن التي اقترنت بوجود هؤلاء، ومن كثرة ترديدهم لها. وإذا كان الشيء بالشيء يُذكر، فالبعض والتشاؤم وجهان لعملة واحدة، وبمجرد رؤيته لا تبدو في الأفق أي بادرة طيبة، فيتوتر المكان والمجلس لوجوده. بل إن البعض حين يقدم يغير الحديث عنده من أقرب المقربين له، كالزوجة، والبنين، والبنات، فهل هذا محمود أم مذموم؟ ولعله يظن أن هذا من علامات القوة!! أين هو من خلق النبي عليه الصلاة والسلام؟ ما رؤي إلاَّ هاشًّا وباشًّا، يبتسم للصغير والكبير، وكان إذا انتُهكت محارم الله من أشد الناس. هل بداءة الإنسان لغيره بالسلام والتحية والابتسامة مظهر ضعف لدى البعض؟ أو هو لا يجيد مهارات التواصل؛ ولذا هو يغطي بها على قلة وضحالة مستوى تفكيره؟ لماذا يدفع الأجر المادي، ونظام العمل بعض الموظفين للابتسامة والبشاشة والهشاشة، ولا يتحلّى بها طلبًا للأجر عند ربه، والتزامًا بتعاليم دينه؟ أليس ابتسامتك في وجه أخيك صدقة؟ وأليس البداءة بالسلام أمان من الكِبر؟ والله إني أتعبد لله بالابتسامة في وجه العمال البسطاء الذين ينتشرون في الشوارع، فما أجمل أن تنشر هذه الثقافة عندهم، وتكون معينًا لهم على قسوة الزمن، وعلى الفقر، ومفارقة الوطن. فهل نحن فاعلون؟ ورقة من السُّنَّة: كان صلى الله عليه وسلم يسبقُ كلَّ مَن يلقاه بالسلام؛ حتى النساء والصبيان. وقد قال تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة)، فقد روي: «أطوعكم لله الذي يبدأ صاحبه بالسلام»، وروي كما ورد آنفًا: «البادئ بالسلام بريء من الكبر». وأختم بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أفلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم" (رواه مسلم). FahadALOsimy@ تويتر [email protected]