تتابع الأوساط السياسية والشعبية المصرية بكل اهتمام الزيارة الهامة التي سيقوم بها الرئيس المصري محمد مرسي للمملكة غدا الأربعاء والتي تعتبر الأولى له خارجيا منذ تقلده منصب الرئاسة، وتكتسب الزيارة أهمية بالغة كونها تأتي في ظروف بالغة الأهمية تمر بها المنطقة الأمر الذي يتطلب تشاورا وتنسيقا سعوديا مصريا حيال دعم العمل العربي المشترك، وإيجاد حلول لقضايا الأمة. الرياضوالقاهرة .. علاقات استراتيجية منذ الأزل ليس هناك رأيان أن زيارة الرئيس مرسي للمملكة تكتسب أهمية لن نبالغ إذا قلنا أنها استراتيجية لبلد يحبه المصريون ويحظى بثقل سياسي واقتصادي وإسلامي ليس فقط في المحيط العربي، بل في العالم. وتكمن أهمية الزيارة لعدة اعتبارات من أبرزها: إنها أول زيارة للرئيس مرسي منذ انتخابه إلى الخارج، و هو مايعكس أولوية و ثقل ووزن العلاقات السعودية المصرية في المحيط العربي، وأن هذه العلاقات ضاربة في جذور دوائر السياسة الخارجية المصرية. كما أنها تشير بوضوح إلى تقدير الرئيس المصري مرسي لخادم الحرمين الشريفين الذي كان ولايزال الداعم الرئيسي للشعب المصري في الظروف الصعبة التي مر بها. كما أن الزيارة تعبر عن الإدراك المصري لأهمية تنمية العلاقات المميزة بين القاهرةوالرياض، وهي تعبير صريح عن حرص القيادة المصرية للمصالح المشتركة بين البلدين، وتعكس بوضوح حقيقة توجه مرسي إلى التركيز على الدائرة الخليجية والعربية كأولوية، وتقدير منه باعتبار أن المملكة هي مركز الثقل المؤثر داخل هذه الدائرة. ومن المؤكد أن الزيارة ستكون فرصة لمناقشة كافة جوانب ملف العلاقات الثنائية، وفتح لبنة جديدة في العلاقات المتجذرة والتي تعود لأزمان قديمة. والأهم أن هناك حرصا من القيادتين السعودية والمصرية ليس فقط لتحصين هذه العلاقات، بل وتدعيمها بما يتفق والمستوى الإيجابي لها على مر السنوات الطويلة الماضية. وفي تقديري أن ما يزيد من أهمية الزيارة فى هذا التوقيت أنها ستعمل على توضيح مواقف مصر مما يجري في المنطقة، ورؤية القاهرة حيال علاقاتها في الوسط الإقليمي. خاصة مع طهران التي قد يزورها مرسي لتسليم رئاسة قمة دولة الانحياز في أغسطس. وبالتالي فإن زيارة مرسي للمملكة تؤكد أن علاقات القاهرة مع الرياض ستبقى كما كانت، بل ستقوى وتنمو أكثر في المستقبل، وأن علاقات مصر مع إيران لن تكون على حساب العلاقات مع دول الخليج والمملكة تحديدا. فالأمن في الخليج يمثل عنصرا أساسيا للأمن القومي المصري. خاصة أن هناك عددا من الملفات التي تشهد تباينا في المواقف ووجهات النظر بين كل من مصر وإيران خاصة الموقف من الثورة السورية، والامتداد الإيراني في دوائر تمس الأمن القومي المصري سواء في دول الجوار الأفريقية، أوالعربية لمصر. ومن المؤكد أن زيارة مرسي للمملكة ستفتح آفاق العلاقات والتفاهمات التي ستعيد الحياة للتنسيق المصري السعودي الذى يمكن أن يقود الحركة السياسية عربيا وإقليميا والذي شهد نشاطا لقوى إقليمية في ظل غياب عربي واضح نتيجة الربيع العربي الذي شهدته بعض دول المنطقة. و بصفة عامة يمكننا القول إن علاقات القاهرة مع الرياض كانت ولا تزال استراتيجية ومصر الجديدة برئاسة مرسي ستكون حريصة على تعزيز هذه الشراكة لمصلحة الشعبين والأمة، وتوفير مناخ آمن ومطمئن في منطقة تتقاذفها الأمواج، وتتطلب عودة الحوار السياسي السعودي المصري الاستراتيجي للحفاظ على الأمن القومي العربي، ومصالح الأمة والتي تحاول بعض الدول الإقليمية الاستفادة مما يجري في المنطقة للتدخل في شؤون بعض دولها. ومصر لن تسمح بذلك لأن أمن الخليج هو من أمن مصر ورغم انشغال مصر في أزمات سياسية حادة بعد قرار الرئيس مرسي بدعوة مجلس الشعب للانعقاد، وتبلور نوع من التباينات مع المحكمة الدستورية، و المجلس الأعلى للقوات المسلح، والقوى المدنية الليبرالية إلا أن ملف تعزيز العلاقات مع المملكة ودول الخليج سيبقى الشغل الشاغل للسياسية الخارجية المصرية .