وهذا إعلان عجيب وصلني كما وصل عشرات الآلاف من المواطنين، ولم أسمع له حتى الساعة رداً من الجهات المسؤولة، وعلى رأسها هيئة الغذاء والدواء مع تقديري لكل الجهود التي تحاول الهيئة القيام بها تحقيقاً للأهداف التي أنشئت من أجلها والرسالة التي تحملها. الإعلان عن غذاء أسماه المروجون له (جرين ليفز)، وترجمتها أوراق الشجر الخضراء. وباختصار يزعمون أنه (أغنى غذاء بالعناصر عرفه الانسان في هذا العصر)! وهو حسب الإعلان: يساعد على الهضم وينظمه ويطرد السموم ويقوي الجسم والمناعة بشكل قوي جدا، ويعالج بإذن الله تعالى أكثر من 40 مرضا بنسبة ممتازة، بعضها مستعصية مثل السكري والسرطان وضغط الدم والشلل والكلى والقائمة تطول، حتى أنه يعالج الإدمان على المخدرات، ولم ينسوا طبعا علاج الضعف الجنسي مهددين مستقبل الفياجرا وسياليس وغيرها. ولتأكيد صدق هذه الفرية العظمى يورد الاعلان استشهادات بأقوال فلان وعلان وزيد وعبيد، وروابط إليكترونية تغني عن أي اثباتات طبية أو علمية. أعتقد أن على كليات الطب بعد اليوم (لم عزِالها) وغلق أبوابها، وتصفية كل طلابها وطالباتها، ليس في المملكة وحسب، وإنما في كل أرجاء الأرض. هكذا تُصنع الخبطات التجارية وتُجمع الملايين بسرعة قبل أن تتنبه أي جهة مسؤولة أو غير مسؤولة، وقبل أن يدرك المستهلك الغلبان أنه قد وقع في الفخ فاشترى ما استطاع أملا في علاج ناجع لنفسه وأهله وصحبه. إنه على حد المثل الأجنبي (مقاس واحد للجميع). ومن قبل (الأوراق الخضراء)، كانت الشهادات العلمية بدءا بالبكالوريس وانتهاء بالدكتوراه تباع جاهزة مغلّفة مقابل آلاف معدودة من الدولارات التي أثرى منها أصحابها وعانى من زيفها المجتمع بأسره ولا يزال. مسلسل الضحك على المواطن لا يكاد ينتهي، ومع ذلك تتحرك الجهات الرسمية ببطء شديد إن هي تحركت أبدا. وعندما تطير الطيور بأرزاقها يصدر بيان أو تحذير متأخر. وحتى لو صدر بيان في وقته، فأقصى ما يُؤمل هو سحب البضاعة من الرفوف وتوقف الإعلان عن الاستمرار. من الواضح أن إجراءات وقف هذا العبث ليست واضحة ولا حاسمة ولا رادعة. [email protected]