سعوديون في أمريكا صورة مصغرة لوطن عظيم تسوّره العناية الإلهيّة، وتزهر في جنباته النخوة، ويمطر عليه الحب والتضحية. وطن اسمه المملكة العربية السعودية. سعوديون في أمريكا نبت هذه الأرض، والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربّه والذي خبث لا يخرج إلاَّ نكدًا. سجلوا قبل أيام قليلة موقفًا إنسانيًّا لا يُنسى، وإليكم الحكاية. أروى محمد الزهراني فتاة سعودية جرّها القدر الإلهي إلى أمريكا بقرار من الهيئة الطبية العليا لزراعة نخاع العظم، وعقب إجراء العمليّة في مستشفى The University of Texas M.D Anderson cancer center احتاجت لنقل دم، والصفائح الدموية. ولأن المستشفى يعاني من نقص حاد في الدم والصفائح طلب من والد المريضة إحضار متبرعين في أسرع وقت. في هذه اللحظة توجّه والدها بنداء عاجل لأبناء الوطن المبتعثين في أمريكا عبر: منتدى مبتعث، ومجموعة سعوديون في أمريكا، وسعوديون في هيوستن للتبرع بالدم، وبدأ تدفق المبتعثين والمبتعثات من مدينة هيوستن والمدن المجاورة لها، ومن كاليفورنيا وأوكلاهوما وفلوريدا، وقطع بعض زملاء شقيقها مسافة ساعتين بالطائرة من جورجيا للمشاركة في هذا العرس الوطني البهيج، وتدفقت الاتصالات من المبتعثين والسعوديين المقيمين والمرافقين للمرضى ورجال الأعمال مبدين رغبتهم في التبرع والاصطفاف الإنساني مع والدها في هذا الموقف الإنساني الذي يحتاج إلى الدعم والمؤازرة . وتوّج هذا التدافع الإنساني الحميم جهود الأستاذ سليمان بن منصور الشعيبي الملحق الصحي السعودي في أمريكا وكندا، والقنصلية السعودية بهيوستن التي كانت تتابع الموقف بدقة. هؤلاء الشباب المبدعون هم أبناء مملكة الإنسانية، وورثة تاريخ النبل والفداء والحب، ونهر المعرفة الوطنية القادم ليروي عطش الصحراء بثقافة العصر، ونبل الإنسان السعودي الذي تكشف الملمات أنه صمام الأمان، وجوهرة المستحيل. أروى التي قاست هذه المحنة لم تدرك أن لها إخوة وأخوات بامتداد الوطن، وفي كل جهاته الأربع، ما أن اصفرت ورقة الحياة حتى سالت شرايين أبناء الوطن دمًا ونبلًا وإنسانية. ما أروع الوطن، وما أعظم الإنسانية. وهكذا يا أروى تلد المتاعب بهجة، وتسفر المصائب عن كنوز مدفونة لم نلتفت إليها. شباب الوطن وبناته الراحلون بحثا عن المعرفة، والقادمون إلى جمهورية النظريات، وتعال إلى حيث النكهة كانوا رسل خير، ومنارات وعي للوطن وقيمه وتاريخه. وكذبوا بهذا العمل الرائع أحاديث المرجفين، صناع ثقافة التوحد والوساوس القهرية، وسدنة الاكتئاب والخوف. إنهم ثمرة نضال عبدالله بن عبدالعزيز الذي جعل العلم بوابة الحضارة، وخيار الوطن الأول، وشرارة الإقلاع الحضاري. من مكةالمكرمة دمعة حب، ودعوة مكلوم أن يحفظ الله الوطن، وأن يعمر حياة إخوة أروى من جهات الوطن الأربع بالسعادة، وأن يسبغ عليهم ثياب الصحة، وألا يريهم فيمن يحبون مكروهًا، فلقد كانوا أغنية الوطن، وصبحه الجميل، وغده الباسم. وصار فعلهم سيرة نخوة نقصها لطلابنا في الجامعات، وستقصها أروى بمشيئة الله للوطن حكاية فتاة ضاق بها الجسد، فاتسع لها الوطن كله، وقال: يا أروى لست وحدك فالوطن كله معك. أمّا أنت يا أبا أحمد، فماذا أقول؟ تعجز الكلمات أيُّها النائي الساكن في القلب عن البوح، ولكن الحمد لله الذي أعز أروى بوقوفك معها، ولم يذلها بوقوفها معك. [email protected]