الرياضةُ مفردةٌ جميلةٌ، فهي تعني رياضة قلبية، ورياضة بدنية، ورياضة عقلية.. فالقلبية تعني ترويض النفس على الصبر على طاعة الله، وعلى قضاء الله، والصبر عن معصية الله؛ بمجاهدة النفس، ودفع وساوس شياطين الإنس والجن؛ للوصول إلى التلذذ بطاعة الله، وأن تكون العبادة هي قرة عين العبد، يعيش من خلالها في رياض المحسنين الذين وصلوا لمرتبة الإحسان، الذي هو أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، فيتحقق له الحياء الحقيقي من الله أن يراه على معصية، وهو يتنعم بنعمه في ملكه سبحانه، ويصل العبد إلى برد الرضا بقضاء الله وقدره، وهذه الرياضة الصحيحة توصل إلى التوحيد الخالص لله تعالى باطنًا وظاهرًا، وأمّا رياضة العقول فهي بطلب العلم النافع الشافع، ومدارسته، وسبر أغواره، وفتح مكنونه، والوقوف على الجديد منه، واكتشاف المخترعات، واستنباط المفهوم الصحيح من الأدلة والبناء لأصول مناهج البحث والاستدلال، وغير ذلك من حقائق العلم، مع التخلق بسمت طالب العلم بالتزيّن بحليته الخاصة به، والتي تجعل من صاحبه أهلاً لرفع الله تعالى له (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات)، وهذه الرياضة الصحيحة توصل إلى التوحيد الخالص لله تعالى باطنًا وظاهرًا، وكلا الأمرين غاية للمسلم، فهو في جهاد في هذه الدنيا ليحقق المسائل الأربع التي يجب عليه تعلّمها، وهي: العلم بالله تعالى، ورسوله صلى الله عليه وسلم، والدعوة، والصبر. وأمّا رياضة الأبدان فهي من باب التقوي على طاعة الله، فهي وسيلة وليست غاية، وهذا يقتضي التنبه إلى: 1- مقولة "العقل السليم في الجسم السليم" خاطئة، والصحيح العقل السليم في المعتقد السليم، فكم ممّن أبتلي بأمراض مزمنة، أدّت إلى توقّف بعض جوارحه، بل أكثر بدنه، هو من أنبه العلماء، والتاريخ يشهد بذلك على مر العصور، فخذ مثلاً العالم التابعي عطاء بن رباح، كان أعرجَّ أشلَّ وغيره من كبار علمائنا، وقادتنا منهم الأصم، ومنهم الضرير، ومنهم الأعرج، ومنهم الأعمى، ومنهم المقعد الذي لا يتحرّك منه إلاّ رأسه، ومن المعاصرين من هؤلاء الذين اهتزت منهم عروش ملك الكفار حتى اغتالوه الشيخ أحمد ياسين -رحمه الله-. 2- البدن مطية لما في القلوب والعقول، فمتى كانت النفوس طموحة، وثابة، همامة، حارثة تعبت في مرادها ألأجساد. 3- الأبدان القوية بلا دين صحيح، وقلب سليم، تصبح كأجساد الحيوانات! فلننظر من أقوى بدن إنسان، أم بدن الفيل، والأسد، والنمر، والثعبان، وغيرها؟ حتى أن الإنسان يحتال للقبض عليها. 4- الرياضة البدنية المفتوحة تجعل الإنسان فاقدًا لإنسانيته التي تعني الأخلاق الفاضلة، والشعور بالآخرين، والإيمان بقيمة الوقت والحياة والأسرة والآخرة، ولننظر حال أهل الرياضة يعيشون حياتهم الخاصة بين بريق الشهرة ووجوب المحافظة على كمال أجسادهم، ووجوب الفوز الكاسح للغير، وشهوة المال المتدفق عليهم حال فوزهم، كل ذلك يجعل الرياضيين يقترفون المحرمات من منشطات، ومخدرات، ونساء، ورجال، ويجعلهم يعيشون في بروج عاجية، بل يفقدون حريتهم الشخصية، وتجدهم يتسابقون للفوز بكل شيء؛ لأنهم يوقنون أنه في يوم ما ستنتهي صلاحيتهم، ويقذفون في مزبلة التاريخ. 5- الرياضة البدنية المتكررة لابد لها من نتائج عكسية على الرجال والنساء، من فقد لوظائف معينة في البدن، واختلال الهرمونات، وإصابات في الجسد عامة، بل فقد القدرة على الإنجاب أحيانًا. 6- الرياضة البدنية هي وسيلة من وسائل المحافظة على الصحة، والتي منها الطعام الجيد، والنوم الجيد، والهواء الجيد، والراحة النفسية والذهنية. 7- الرياضة البدنية هي من مجالات الترويح عن النفس، وليست مصدرًا للدخل، ووظيفة ثابتة. 8- الرياضة البدنية التي تنتج قوة للإسلام ودولته هي التي تعين على الجهاد في مقابلة العدو، كالجري، وركوب الخيل، والرمي، والسباحة، وحمل الأثقال، وهذه خاصة بالرجال، فالمرأة معززة مكرمة، بل ملكة تجد مَن يدافع عنها في أحلك الظروف، وأصل قول (علّموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل) تكلم عنه علماء الحديث بأنه ضعيف. 9- الرياضة البدنية عند الرجال لتقوية البدن؛ حتى يكون مهيّأً للقتال، والدفاع، فنجد الرجل بعد تمارين قاسية مستمرة أصبحت له أرداف عريضة، وعضلات بارزة. أمّا المرأة فالرياضة الخفيفة -ولو في المنزل- إنّما تكون لها طريق لتخفيف وزنها حتى لا يؤثر على عظامها مستقبلاً.