حسناً فعلت دول الخليج بتوجهها نحو رفع استثماراتها في الصناعات البتروكيماوية، إذ ارتفع حجم إنتاجها بنسبة 13,5% من 102 مليار طن عام 2010م إلى 116 مليار طن العام الماضي، طبقا لمنظمة الخليج للكيماويات والبتروكيماويات. وقد فاقت حصة المملكة العربية السعودية 50% من دخل مبيعات هذه الصادرات البتروكيماوية الذي تجاوز المائة مليار دولار أمريكي. هذه المبيعات تم معظمها عن طريق شركات سابك المتعددة، والتي فاقت 50 مليار دولار، وبأرباح قاربت 8 مليارات دولار. وأشاد السيد عبد الوهاب السعدون أمين عام المنظمة بالمبادرات التي اتخذتها بعض دول الخليج، وعلى رأسها اتفاقية المشروع المشترك بين أرامكو السعودية وشركة داو للكيماويات (الأمريكية) الموقعة في أكتوبر 2011م لإنشاء شركة سدرة للبتروكيماويات لتطوير وتصنيع 26 مادة صناعية من البوليمرات الضرورية لبعض الصناعات المتقدمة. وفي البحرين بدأ الإنتاج في مصنع لتطوير زيوت ذات نوعية خاصة أساسية لمزج نوعيات متقدمة من زيوت ومواد التشحيم. لا شك أن هذه خطوات مشكورة ومحمودة، وهي ضرورية، لكن قد لا تكون كافية من حيث توليد فرص عمل لتشغيل أعداد كبيرة من المواطنين في دول الخليج عامة، والمملكة خاصة. ميزة هذه الوظائف أنها ذات أجور عالية، لكن مهما كثرت فهي قليلة في العدد. وهي كذلك نتاج أنشطة شركات كبيرة عملاقة ترعاها الحكومات، بل وتتملك النصيب الأكبر منها، في حين يعتمد العالم المتقدم على توليد الوظائف من أنشطة المؤسسات الاقتصادية الصغيرة والمتوسطة التي توظف ما يقارب 80% من مجموع الأيدي العاملة في دول عملاقة مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية واليابان وغيرها. المشكلة الأخرى أن هذه الصناعات لا تزال مرتبطة بالبترول وحده، فهي فرع من أصل وحيد. التنبه إلى خطورة الاعتماد على الدخل الريعي لوحده ليس جديدا، بل هو حديث قديم متواصل منذ نصف قرن وأكثر. صحيح أن شوطا قد قُطع، لكن أشواطا ضرورية أخرى لا تزال تنتظر ولا بد من قطعها ضمن استراتيجية واضحة وخطة عمل متزنة وتكاتف كل أفراد الفريق، الحكومي منه تحديدا، وهو الذي إن أحسن في المهام المطلوبة منه، فستحسن تبعا له مؤسسات القطاع الخاص. [email protected]