عجبا لأمر إيران، فإبان الثورات التي شهدتها دول تونس، ليبيا، مصر، واليمن؛ للمطالبة ب "التغيير"، اعتلى المسؤولون الإيرانيون المنابر مباركين ومحرضين، محاولين إقناع أنفسهم بأن الحراك الشعبي الحاصل في الوطن العربي آنذاك إنما هو مستوحى من الثورة الإيرانية التي اندلعت قبل ثلث قرن !. ولاحقا، تجلى تناقض "معممي إيران"، من خلال الثورة السورية، إثر الوقوف إلى جانب نظام بشار الأسد الذي أقام المجازر ضد شعبه ، بدعم روسي وإيراني، حيث قتل منذ اندلاع الاحتجاجات في منتصف مارس 2011 اكثر من 16 ألف شخص، بحسب ارقام المرصد السوري لحقوق الإنسان، وهو على أية حال لا يختلف كثيرًا مع قمع السلطات الإيرانية لحركة الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها البلاد احتجاجا على نتائج الانتخابات الرئاسية عام 2009م والتي أعادت انتخاب أحمدي نجاد رئيسًا لفترة ثانية. الدولة الفارسية تلقت صفعات من دول الربيع العربي، إثر محاولاتها التقرب إلى حكامها الجدد، على أمل بناء علاقات جيدة مع تلك الدول للتخفيف من حالة العزلة الخانقة التي فرضت عليها من قبل المجتمع الدولي؛ بسبب برنامجها النووي الغامض، وقمعها للحريات، وتدخلها في الشؤون الداخلية لدول الجوار سواءً دول مجلس التعاون الخليجية أم العراق. إلى جانب اعتمادها على أساليب دعائية بالية كان يستخدمها النازي خلال الحرب العالمية الثانية. ومن الأمثلة على ذلك، ما زعمته وكالة أنباء "فارس" بأن الرئيس المصري الجديد محمد مرسي تحدث إليها فور فوزه في الانتخابات الرئاسية قائلا إنه ينوي تمتين العلاقات السياسية بين مصر وإيران لتحقيق ما سمته الوكالة "التوازن الاستراتيجي في المنطقة"، كما أنه ينوي إعادة النظر في اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية، رغم أنه تعهد بالالتزام بالاتفاقيات الدولية، لتسارع مؤسسة الرئاسة المصرية إلى التأكيد أن الرئيس مرسي لم يجرِ أي حوارات صحفية مع وكالة أنباء فارس الإيرانية. المخططات الإيرانية، أصبحت واضحة للعيان، فدعمها ومباركتها للثورات العربية لا تقوم على أساس قيمي أخلاقي ولا على أسس المصالح الإستراتيجية للعالم الإسلامي والتي تزعم طهران دائما مساندتها ، كالقضية الفلسطينية التي لم تقدم لها أي دعم فعلي ، وإنما تصريحات إعلامية ساخنة بأنها ستزيل إسرائيل عن الوجود، دون أن تطلق رصاصة واحدة عليها لا في حرب لبنان عام 2006 ولا في حرب غزة 2008 -2009، وكل ما أنجزته بهذا الصدد تأجيج الفتنة في لبنان وتكريس الانقسام في فلسطين. كما أن وسائل إعلامها حاولت الوقيعة بين مصر وشقيقاتها دول الخليج . إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل؛ لأن العلاقات المصرية الخليجية، قوية وراسخة منذ القدم .