•أحد القراء من ذوي الاحتياجات الخاصة أرسل لي معاتباً حول ما أسماه بالإهمال الإعلامي لهذه الفئة العزيزة ..رسالة القارئ العزيز تضمنت معلومات جميلة حول ابرز المعاقين الذين أضاءوا العالم بإبداعاتهم .. وإقراراً مني بالتقصير واعترافاً بفضل هذه الإرادات القوية التي هدمت جبال اليأس و تحدّت كل العوائق النفسية والجسدية والاجتماعية ،وصارت مضرباً للأمثال في النجاح والتفوق..فسوف أنقل لكم أبرز ما تضمنته رسالة الأخ الكريم . •فمن أشهر من وضعوا أسماءهم على صفحات تاريخ الإبداع البشري من صحابة الرسول عليه الصلاة والسلام (سعد بن أبي وقاص) الذي عاش أربعين عاماً في حالة إعاقة ، كان خلالها قائدا لجيوش الفتح في العراق ..و (عبد الله بن أم مكتوم) الكفيف الذي كان نائباً لرسول الله على المدينة .. و(ربعي بن عامر) الصحابي الذي عانى من عرج شديد، إلا انه تميز بالفصاحة لذا أُنتدب إلى الفرس كسفير .. ومن التابعين كان (إبان بن عثمان بن عفان) أصم أحول أبرص،ثم أصيب بالشلل..لكن كل هذا لم يمنعه من أن يكون من فقهاء التابعين.. وأن يتولى إمارة المدينة وقضاءها.. وكذلك كان (عطاء بن رباح) إمام مكة وعالمها وفقيهها أشل أعرج.. أما (محمد بن سيرين) العالم المحدّث ومفسر الأحلام الذي طبقت شهرته الآفاق فكان أصم ضعيف السمع ..ومن علماء الأمة أيضاً كان (الزمخشري) مفسر القرآن أعرج ، وفيه قالوا :» لولا الأعرج لرفع القرآن بكرا» وكذلك (الترمذي) صاحب السنن كان كفيفاً ..أما (قالون) أحد أشهر القراء فكان أصم شديد الصمم ..لكنه كان يقرأ شفاه الأئمة والتابعين ثم يحولها بعد ذلك إلى قراءة بإسناد تتلقاها عنه الناس والأعجب انه كان ينظر إلى شفتي القارئ ويرد عليه اللحن والخطأ ..واليوم يقرأ شطر كبير من أهل إفريقيا بقراءة قالون الأصم. •في مجال الأدب كان (أبو الأسود الدؤلي) مبتكر علم النحو وواضع النقاط فوق الأحرف العربية أشل القدم .. أما (المعرّي)الشاعر والفيلسوف والمفكر فكان كفيفاً.. و كذلك حال (بشار بن برد)الشاعر الفحل .. ومن أدباء العصر الحديث كان (مصطفى الرافعي) أصم، وإبراهيم المازني أعرج ..وعميد الأدب العربي (طه حسين) كفيفاً.. أما شوقي أمير الشعراء و إبراهيم ناجي فكانا (ألثغين) يتلعثمان بالكلام رغم جزالة وفصاحة شعرهما !. •عالمياً لم يمنع شلل الأطفال (فرانكلين روزفلت) من أن يكون واحداً من أشهر رؤساء أميركا .. ولا منع الصمم (توماس أديسون) من اختراع التلفزيون والراديو والسينما و (1000) اختراع آخر .. كما لم يمنع الكساح البحار البرتغالي (ماجلان) من اكتشاف كروية الأرض ..أما الأميركية (هيلين كيلر) والتي كانت عمياء صماء بكماء منذ صغرها فقد تعلمت الانجليزية والفرنسية والألمانية وتفرغت للتأليف والكتابة،كما هو حال أديب اسبانيا (سرفانتس ) مؤلف «دون كيشوت» الذي كان مقطوع اليد .. ويقال أن الموسيقار الألماني الشهير (بتهوفن ) قد ألف أجمل مقطوعاته بعد أن أصيب بالصمم !.. و لعلنا ننتهي ب (لويس برايل ) الكفيف الذي ابتكر لغة برايل ، و عبقري الفيزياء (ستيفن هوكنج ) سجين الكرسي المتحرك ومشلول الحركة والنطق الذي اكتشف الثقوب السوداء في الفضاء . •الإعاقة الجسدية لا تعنى شيئاً إن كان العقل حراً طليقاً ، و كانت الروح قوية متقدة وثابة .. فالإعاقة الحقيقية ليست في الجسد بل في النظرة التشاؤمية الضيقة التي تقيّد صاحبها وتكبل إبداعه وطموحه . [email protected]