إن المعاقين أو ذوي الاحتياجات الخاصة يمتلكون خواص عبقرية عجيبة من خلال تحويل معاناتهم عبر حاسة سادسة لديهم تنبئهم في تحويلها إلى عمل عظيم ! فهذا هوميروس شاعر اليونان الشهير الذي عاش في القرن 9 ق.م كان أعمى وهو صاحب أشهر ملحمتين في التاريخ هما الإلياذة والأوديسا ! وكذلك الشاعر الأموي الكميت بن زيد (60- 126ه) الذي كان أصماً ولكنه برع في الشعر حتى عدّ من فحول الشعر الأموي ، كما برع الاسكتلندي هنري الشاعر التاريخي المعروف بلقب هاري الأعمى (1407- 1492" \1492" 1492م) . ولنا في الرحّالة البرتغالي فرناندو ماجلان (1480-1521م) أسوة حسنة في الكفاح ، فقد كان ماجلان أعرجاً عرجا شديداً دائما ، ومع ذلك قام بعدة رحلات بحرية مهمة ، منها ما اكتشف فيها كروية الأرض حيث عبر المحيط الهادي وسماه بهذا الإسم ، أما في الأدب العربي اشتهر اسم الأديب مصطفى صادق الرافعي (1880-1937م) وقد أصيب بالصمم في الثلاثين من عمره ، ولكن ذلك لم يكن عائقاً في سبيل تلك الشهرة الأدبية الواسعة التي حققها الرافعي ، إذ يعد الرافعي من كبار الكتاب العرب ، ومن كبار كتاب المقالات . نجد كذلك بيرغر سيلين الذي ولد عام 1973م وعدّ أول شاعر توحدي في العالم أدرك أن عدم القدرة على توجيه الحركة أو قيادة جزء من الجسم لا يعني أن هناك إعاقة عقلية أو تخلفا عقليا ، وإنما هو مجرد عطب في جزء من خلايا الدماغ المسيطرة على توجيه الحركة . كما يقال إن رجلاً أعمى هو الذي ابتكر الطرق الهلالي القصير من طروق الشعر النبطي الصعبة ، وهو اللحن الذي جاء مختلفاً من بعد الهلالي الطويل والشقح الهلالي ، كما أن من الشعراء الكفيفين ، شاعر من نجران يلقّب بأبي جبهة ، وهو حمد بن علي بن سدران ، فقد وردت سيرته في سلسلة هذه بلادنا فيما يخص بلاد نجران لمؤلفه صالح آل مريح أنه كان كفيف البصر منذ ولادته ، وقد توفي قرابة عام 1103ه وله عدّة قصائد في مجالات مختلفة وأنه اشتهر بالذكاء والفطنة والحكمة ومن قصائده القصيدة التي قالها عندما تعرضت نجران للغزو من بعض القبائل المجاورة من الجهة الجنوبية والشرقية ودارت بينها وبين قبائل يام معركة انتصر فيها رجال يام وطردوا الغازين من نجران وقال الشاعر قصيدة بهذه المناسبة ويلاحظ القارئ الألفاظ النجرانية مثل (عدّاش) التي أبدلت الكاف شيناً وبعض المفردات التي تدل على مكان القصيدة مثل (مهريه) كما أبدلنا بعض المفردات التي يبدو أنها نقلت خطأ في الكتاب المشار إليه ووضعناها بين قوسين وحذفت بعض الألفاظ الزائدة التي أخلت بالوزن : قال ابن سدران يهيض مثايله أحلى من الذاوي ف اطراف العنب متعنفرٍ في راس سرعٍ مايل تأتي عناقيده مع عوج الركب ! قم يا بريدي وارتحل مهريه طويلة الساقين نفّاحة هدب تمسي نهوقه ما لقيها مسوّه عدّاش ربي من مصاقيب الذرب ومن الشعراء المكفوفين أيضاً صاحب المواهب المتعددة والرواية والشاعر الشهير علي الحمد الصفراني (1345-1407ه) الذي أصدر 9 دواوين وكتاب جمعه من الصحف والمجلات من أشعار وما سمعه من أصدقائه عند الفتنة التي وقعت بالحرم عام 1400ه/1979م حسبما ذكر الزميل الأستاذ صلاح الزامل في صفحة خزامى في العددين (15618-15273) من جريدة الرياض حيث ذكر أنه أول من أذاع قصيدة شعبية بصوت العرب بمصر رغم إعاقته . ومن الشعراء المكفوفين كذلك الشاعر المعروف محمد ابو جعيدي الرفيدي (1333-1420ه) رحمه الله في منطقة عسير الذي بدأ الشعر وعمره 18 عاماً وذلك بعد أن فقد بصره اثر مرضاً ألمّ به ، وهو شاعر مهاب . وقد قامت وكالة أنباء الشعر بعمل تقرير جميل دخلت فيه حياة الشاعرات والشعراء المعاصرين من فاقدي البصر ومنهم شاعر القلطة عبدالله بن سنان الذيابي المعروف بالأعمى وهو الذي حصل على المركز الأول في المجموعة الأولى لاستفتاء أجراه موقع الساحة أون لاين لتحديد شاعر الموسم . كما أن هناك شاعراً من ذوي الاحتياجات الخاصة ويتنقل على كرسي متحرّك وهو الشاعر المعروف عبدالكريم العنزي الذي ظهر في عدّة وسائل إعلامية ويلقّب بسفير المعاقين، وهناك شاعران شاركا في مسابقة "شاعر المليون" الإمارتية أحدهما يعاني من إعاقة بسبب شلل أطفال وهو الشاعر المعروف محمد عويضه ، والثاني كفيف وهو مصلح الرشيدي الذي عرف من خلال هذا النصّ: مابي الحياة وباقي العمر مابيه مابي الحياة اللي بدونك وحيده خلاص برحل والقدر با اقتنع فيه طاحت عصاةٍ من ضريرٍ تقيده مات الأمل باللي نحبه ونغليه وقفه مع أيام مضت لي سعيده يوم النهر صافي ولا احدٍ لعب فيه ليت الليالي ما مضى لي تعيده هذا قراري كان مني سمعتيه لاني عنيد وقلت ماانتي عنيده علي الصفراني محمد عوضه