أخشى إن مضت الأمور في مصر على النحو الذي نراه، أن يتم حبس الشعب المصري داخل السجن الحربي!. والذي حصل أن المجلس العسكري أعتبر أن حمايته للثورة في بداياتها هي تهمة بكل المقاييس قد تصل إلى حد خيانة القائد الأعلى الذي ينام الآن في هدوء داخل مستشفى القوات المسلحة بالمعادي!. ولأن ذلك كذلك، فقد أدرك المجلس الأعلى، أنه لابد من عقاب هذا المتمرد الثائر "الشعب" بكل أشكال وأنواع العقوبة.. وبدءا بحبس القشلاق نهاية بالسجن الحربي ومروراً بأوامر التكدير مضت معاقبة الشعب حتى صدر أمران فارقان مهمان الأسبوعين الماضيين.. أولهما أمر عسكري يقول "كما كنت" والآخر يقول "للخلف در"! وإذا كان حبس القشلاق كما هو معروف يقضي بسجن الشعب داخل المعسكر، فإن السجن الحربي يعني تحويل محافظات مصر كلها إلى ثكنات عسكرية حيث يستحيل إدخال أكثر من 70 مليون مصري ومصرية في مكان واحد!. أما عن أوامر التكدير "أورنيك الذنب" فتعددت أشكالها وأنواعها، وفقا لمقتضى الحال. من هذه الأوامر على سبيل المثال لا الحصر تكدير المزارعين والسائقين فجرا بحثا عن البنزين والسولار! ومنها أيضاً أن يزحف أو "يسحق" الشعب على بطنه أملاً وطمعاً في الحصول على أنابيب الغاز!. ومنها أيضاً أن يحمل الشعب "يشيل" هموماً تنوء بها الجبال.. همّ الأمن والاقتصاد، وهمّ "حل مجلس الشعب"، وهمّ "حل اللجنة الدستورية"، وهمّ "الإعلان الدستوري"! . ثم جاءت العقوبة الأخيرة لهذا الشعب المشاغب والتي تقضي بإقصاء كل من يصلحون لقيادة مصر بدءا من البرادعي، ونهاية بخالد علي، مرورا بحمدين وأبوالفتوح، وقصر المنافسة على الدكتور مرسي والفريق شفيق.. فلما رأى الشعب أن الخلاف مع الأول خلاف سياسي في معظمه، وأن الخلاف مع الثاني خلاف "جنائي" لوح المجلس ممثلا في لجنة الانتخابات بالطعون التي تقصي من له صلة بالثورة!. لكن التحرير كان متوهجا ومفعما بالثورة وما يزال. الأكثر إيلاماً وأسفاً أن المجلس الذي يباهي بصورة لجندي يحمل طفلاً يعلقها على واجهات سياراته ومدرعاته يظن أن "الشعب" بات منهكا، ويائساً، وبائساً، بحيث يتعامل مع أوامر التكدير وكأنها هدايا ومنح ومزايا و"أوامر ترفيه"!. والكارثة، أن هناك من يروج ويشيد ويهلل لأوامر الترفيه التي يصدرها المجلس في الصحف الساقطة والقنوات الرخيصة على "جنود المراسلة"!. أخشى أن يكون الأمر الأخير إن وصل مرسي لسدة الحكم بعد أن وصل لغالبية عقول الثوار بمختلف أطيافهم هو "أمر تخويف"! [email protected]