بحياد "تام" ونزاهة "تامة" وشفافية "متناهية" وقف المجلس العسكري على مسافة واحدة فاستيقظت مصر أمس على الحقيقة المفزعة لدى الغالبية "والمفرحة" لدى الآخرين.. أيها المصريون: أنتم الآن بين اثنين فقط من المرشحين أحدهما من "الإخوان" والآخر من "الفلول" هكذا بمهارة شديدة ومعلمة أشد خرجت الثورة والثوار من المعادلة، وبقي الإخوان بجماعتهم ووحدتهم وسكّرهم وزيتهم ودقيقهم وفكرهم، يواجهون الفلول بملياراتهم ومكرهم وجبروتهم يجرون خلفهم قطاعًا من الشعب الذي أفزعوه وأرعبوه وعطلوا حياته في المصانع والمزارع والمتاجر! سيقولون لك: إنها الصناديق، وإنها الديمقراطية، وإنها الشفافية، وإنه كارتر والمنظمات الدولية، لكنهم أبدًا لن يستطيعوا الإجابة على السؤال الكبير: كيف لشعب ثار وأذهل العالم بإسقاط مبارك، يعود فيأتي بتلميذ مبارك؟! الآن عرف الشعب، أهمية النداءات التي صدرت قبل الإعلان عن النتائج النهائية بقبول ما تسفر عنه مهما كانت الأسماء!! والآن عرف الشعب سر إصرار الإخوان على مرشح، ولو كان الدكتور مرسي "الأقل وهجًا وحضورًا من الشاطر".. وسر إصرار الآخرين على الفريق شفيق ولو ضُرب بالأحذية، وشتم بأفظع الشتائم وعزل بالقانون، وجاء بالقانون وسيفوز بالقانون ويصبح رئيسًا بالقانون! وإذا كان شفيق يعرف مثل مرسي ما سوف يفعلانه في العشرين يوماً المقبلة، وقد دخلا معمعة الحسم، فإن على حمدين وأبو الفتوح من اليوم أن يتصارحا ويتصالحا ويأتلفا لخوض معركة استرداد الثورة التي سُرقت بفعل فاعل أو أكثر! لقد كتبت هنا في نفس هذا المكان قبل أيام عن نظرية التمكين التي ستُبعد عبدالمنعم وحمدين وقد حدث! والحق أنها ليست فراسة كاتب أو مهارة محلل، فقد كانت كل الدلائل تشير إلى ذلك ولا تحتاج إلى جهد في التفكير! في كل الأحوال، يخطئ من يظن أن "بروفة" العباسية قابلة للتنفيذ في التحرير، ويخطئ من يعتقد أن مداد الثورة قد جف، مفسحًا المجال لأباطرة الزيف وكهنة الكلمة والحرف! أخيرًا ومع التلويح بالنزول من جديد للميدان لم يصبح أمام القوى الوطنية الحقيقية في مصر درءًا للفتنة الجاهزة سوى دعم مرسي مؤقتا لحين استرداد نصف الثورة من الفلول، والاصطفاف خلف البرادعي فور عودته، وممارسة أكبر قدر من ضبط النفس لاسترداد النصف الآخر من الثورة التي قذفوا بها في قرار مكين.. وبقرار مكين! [email protected]