وصف المستشار بالديوان الملكي إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد أن شخصية صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز – رحمه الله - بالشخصية التي ارتسم في لفظها و فعلها قيمة الهوية الوطنية الشمولية بكل أبعادها ومفاهيمها. وأوصى ابن حميد بالمسارعة في القيام بدراسة منهجية سموه، ونظرته في مفهوم الأمن الشامل وهوية البلاد، وقال: في إفراده بعضا من سيرة شخصية الأمير نايف بن عبدالعزيز – رحمه الله: ثمة قيم ومنطلقات ترتكز عليها الشخصيات المؤثرة في واقعها ومجتمعها مما يجعلها أكثر تفاعلاً وحركاً، وفق مبدأ الاعتزاز بالثوابت والاستفادة من الوسائل المتغيرة ؛ لتشكيل رأي أو رؤيا في الظروف و الأحوال التي تطرأ على الواقع سواء في الجوانب التنظيمية أو الفكرية على الصعيد الداخلي أو الخارجي و في الساحة السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية و غيرها ، وهذا المسار يجسد مفهوم الهوية الراسخة في نفوس حامليها، والتي تهدي رؤيتهم إلى مختلف القضايا، وتعطيهم الوعي الصحيح والرؤية الواضحة والزاد الحقيقي في التعامل مع الأحداث من حولهم. وقد عرفته رحمه الله و عرفه غيري فهو – رحمه الله – الرجل المتميز في كفاءته ومسؤولياته ومواطنته الجامع بين القوة والشفقة . رجل الأمن والحكم والمسؤولية في العمل والعمال والإعلام والحج . سياسته وحرصه لم يكن باستعراض القوة وحدها ولكن بحصافة العقل وثبات الجنان وفق ثوابت الإيمان وقواعد الحق ونبل الأخلاق . له نظرته الشمولية في الأمن الوطني بكل مفاهيمه وأبعاده الفكرية والسياسية والاجتماعية والتربوية والاقتصادية والإعلامية . إن هذه النظرة بل النظرية تمثل مجمع السلطات الأمنية – إن صح التعبير - . إن الأزمات والتقلبات والتغيرات التي أحاطت بالمنطقة طوال العقود الأربعة الماضية كان فيها نايف مسؤولاً مسؤولية مباشرة في بلده أمام قيادته ومواطنيه . ولقد اتسم – رحمه الله – في سياسته وإدارته بالسعي لإيجاد المناعة للمجتمع السعودي مما يضعف اجتماعه و يفرق كلمته فقد جمع بين منهجي الوقاية و العلاج . وقد كان للعلم و العلماء و طلاب العلم حضورهم في سياسة الأمير نايف - رحمه الله – وإدارته من خلال دعوتهم و تأكيد أهمية مشاركتهم في تحمل المسؤلية نحو المجتمع و صيانته و التواصل مع رجالات الدولة للقيام بما أوجب الله عليهم ، كما كان كثيراً ما يحملهم ويذكرهم بأمانة البيان و الدعوة إلى دين الله و فق منهج السلف الصالح. أما لغته في الخطب والمحافل واللقاءات العامة والخاصة والمناسبات الاجتماعية في البيت السعودي فكانت متميزة في هدوئها وحكمتها واناتها وانتقاء عباراتها وبعدها عن التشنج يطرح افكاره ورؤاه بكثير من الهدوء والموضوعية مع ما يتميز به من الثراء المعرفي وبخاصة في التاريخ العام وتاريخ الجزيرة بصفة خاصة وما يتعلق بأهلها وديارها ورجالاتها . ومما يستوقف الناظر في مسيرته وإدارته – رحمه الله – فلسفة المناصحة عند نايف، إنها مفردة شرعية جميلة أدخلها في قاموس التعامل بين الدولة ومن تزل به القدم من المواطنين ، فلسفة ومقصد تؤكد على فلسفة الإصلاح والاستصلاح وابتغاء المواطنة الصالحة . فلسفة تقوم على مقابلة الفكر بالفكر ومناصحة تفتح الأبواب مشرعة أما التائبين ، ان غرضها كسب العقول والقلوب قبل إيقاف الأبدان والأشخاص في حوارات مفتوحة لرد الشاردين وهداية الضالين . لقد استوقفت هذه الفلسفة دولاً كبرى ودولاً صغيرة ودولاً قريبة وأخرى بعيدة ورسخت القناعة لدى كل متابع ان مواجهة التطرف هي مواجهة فكرية قبل ان تكون أمنية. ونايف هو الذي يقول : ( ان الأمن ليس مؤسسة للعقاب والإصلاح فقط ولكنه شعور بالأمان – رحمه الله – من رجل كافح الإرهاب كما كافح التهريب. وان كان للكاتب ما يوصي به فهو الوصية بدراسة منهجية نايف ونظريته في مفهوم الأمن الشامل في دراسات مستفيضة تجسد مسيرة ما يزيد على ثلاثين عاما قضاها – رحمه الله – بين ملفات الأمن وتقلبات الزمن ومتغيرات الظروف وما أحاط بالبلاد والمنطقة من فتن ومحن وكذلك مواقفه مما يثار ويطرح في الساحة الوطنية والإقليمية مما يتعلق بهوية البلاد والتزامها بشرع الله وقضايا المرأة والحسبة ودورها والإعلام وآثاره وأمن الحجيج وحفظ السنة النبوية وغيرها من المسائل الكبار مما له فيها – رحمه الله – رؤى واضحة ومواقف مشهورة . وأحسب ان من أجدر وأولى من يتولى ذلك الجامعة التي تحمل اسمه – رحمه الله – جامعة الأمير نايف للعلوم الأمنية . وبعد فلئن رحل هذا الرجل القامة الشامخة – رحمه الله واسكنه فسيح جنته وعوض البلاد خيرا - لئن رحل فإن الرسالة والمهمة باقية ومتماسكة والرجال متوافرون ولله الحمد وقيادتنا بتوفيق الله بحكمتها وحسن سياستها لا يؤثر عليها مثل هذا الحدث العظيم فهي مؤسسة على الإيمان بالله ثم على الكثير من التضحيات مع الحكمة والحزم والسلاسة في شغل المناصب والمواقع وها هو خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – يختار صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز لولاية العهد وهو من هو في قيادته وخبرته وإخلاصه ثم يولي أخاه صاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبدالعزيز قيادة وزارة الداخلية وهو ابن الوزارة وتلميذ نايف بن عبدالعزيز ورجل الخبرة والحزم اعانهم الله وسددهم وحفظ الله على بلادنا ايمانها وأمنها وغفر لنايف بن عبدالعزيز واسكنه فسيح جناته جزاء ما قدم لدينه وبلاده وأمته وعوضنا خيرا وأصلح عقبه وذريته .