العظام أمثال أبي سعود لا يرحلون ، فبصماتهم تبقى نابضة في قلب التاريخ ، أبد الدهر ، و رحيلهم خسارة للإنسانية تعزى به الأمة جمعاء ، أمثال نايف رحمه الله تعالى قلة على مستوى العالم ، و الملفات الحساسة التي تولى مسؤوليتها و المهام الجسام التي حملها و الرسالات العظام التي أداها هي من يحكي عنه و يكتب سيرته الذاتية ، و هي التي تعلمنا أن هناك دولاً فيها رجال و هناك أيضا دولة رجالها دول . نايف كان دولة ، اعتلى مسؤولية الشؤون الداخلية فنزل لشعبه و تلمس توجهاته و لبى احتياجاته ، و غرس فيه المسؤولية الأمنية و أعده للمراحل الحرجة فجعل فكره أمنياً بالدرجة الأولى و جعله شريكاً في أمن وطنه ، نايف الأمن حقق المعادلات الكبرى في الحسابات الوطنية ، و شمل ببرامجه الأمنية الحدود و الجوار ، و استفاد العالم من عبقريته الأمنية الفذة ، و تجربته مع الفئة الضالة و برنامج المناصحة يقتبس منها العالم و يتعلم من نجاحها في احتواء ما عجزت عن احتوائه عظمى الدول و لم تجد سبيلا لدفعه إلا بالصواريخ و القنابل ، و لم يثنه استهدافه شخصيا في خطابات القاعدة الاستفزازية و لا بتفجيرها لمقر الأمن العام و محاولتها المساس بمبنى وزارة الداخلية ، فمضى قدماً في مناصحته لأبنائه المغرر بهم ، مؤثراً إعادتهم لجادة الصواب على الرد على العنف بالعنف . و في ملف الحج تتجلى عبقريته الإدارية و التنظيمية ، و تفويج أجهزة الأمن لملايين الحجاج و تيسير حركتهم خلال أيام معدودة بل و ساعات محدودة وهو أمر يستعصي على كثير من الأجهزة و الدول . نايف رحمه الله كان رجل دين ، معنياً بنشره داعما لهيئاته راعيا لمناشطه ، مشجعاً على حفظ القرآن الكريم و السنة النبوية المطهرة. و نايف كان والداً لشباب الوطن و مهتماً بشكل كبير بكرامتهم و استقرارهم ، فهو أول راع لتوطين الوظائف ، و أكاديميا أسس نايف جامعة نايف للعلوم الأمنية التي أتاحت التأهيل الأمني ليس للسعوديين بل للعرب كافة . نايف كان كثيرا كثيرا جدا بحيث يصعب أن نحيط بأدواره الكبرى و مهامه المتعددة ، و من المستحيل رفع بصماته عن كل بقعة في بلادنا الحبيبة ، فقد كان رحمه الله في كل مكان حيث يجب أن يكون و بأفضل ما يمكن أن يكون . رحمك الله أبا سعود رحمة واسعة و جبر مصابنا و عزاؤنا فيمن علمتهم وربيتهم من رجال الأمن البواسل و قادته في إكمال ما بدأته على النهج الذي اتخذته ، رحمك الله ففقدك مهيمن و الحزن لرحيلك طاغ و جاثم ولا نقول إلا ما يرضي ربنا ، إنا لله و إنا إليه راجعون ، و العزاء الصادق لمقام خادم الحرمين الشريفين والدنا أبي متعب و لمقام أبي فهد وزير الدفاع و لأبناء فقيدنا الكبير و بناته و للأسرة المالكة الكريمة و للشعب السعودي الوفي النبيل . [email protected]