في هذا الوقت من كل عام، يعدُّ العدّةَ فيه عددٌ كبيرٌ من الأسر، والعوائل، والأفراد للسفر والسياحة داخل الوطن وخارجه، وينفقون في ذلك الأموال الطائلة، ولا حرج في السفر والتنزه إن لم يصاحبه أو يقترن به أمرٌ محرّمٌ، أو تفويتٌ لأمرٍ واجبٍ من واجبات الشرع. ولكن الله أمرنا بالاقتصاد والتوسّط حتى في العبادة، فما بالك في السياحة والمباحات؟! الذي أودُّ أن أقولَه أمرٌ آخر مهمٌّ ومؤرّقٌ! وسبق أن كتبتُ فيه مرارًا، وفي هذه الزاوية. وهو أننا في بلدٍ منَّ اللهُ عليه بنعمٍ عظيمةٍ، ومنها: نعم الأمن، والرخاء، وتنوّع الخيرات، وقوة الاقتصاد، ممّا مكّنَ هذا البلدَ بفضلِ الله أن يعمَّ خيرُه خارجَ هذه البلاد. إلاَّ أنَّ هناك قضيةً كثرُ الحديثُ عنها، والخوض فيها، وتحتاجُ إلى تدخّلٍ قويٍّ من أصحاب الاختصاص، وحلولٍ جادّةٍ وجذريةٍ، ونوايا مخلصةٍ، وعقولٍ تعي حجمَ المعاناةِ، وفداحةَ المشكلة. لا تزال هناك أسرٌ من أبناء هذا المجتمع تحيا حياة قاسية، حيث الدخل المحدود، والعيش على الكفاف، فهم لا يستطيعون أن يحققوا أدنى طلبات فلذات أكبادهم، أسرٌ كريمةٌ، وفي مناطق مختلفة بعضها بدون سكن، وبعضها بدون دخلٍ ماديٍّ، وبعضها يعاني أبناؤه أو بناته المرضَ، أو الإعاقةَ منذ زمن بدون علاج أو دواء! ومن مشكلاتهم أيضًا أن شروط الضمان لا تنطبق عليهم، مع أنهم في أدنى درجات الفقر! ولا يعرفون عن حافزٍ، ولا يعرفون له سبيلاً! وهم في مناطق شبه مهجورة تحت حرارة الشمس، ولهب السموم، وحُرقة الألم، ومعاناة المرض!! وقد وقفتُ بنفسي -كما وقف غيري- على حالاتٍ بعينها من هذا النوع من المعاناة، ولولا جهود بعض الجمعيات الخيرية، وبعض أهل الفضل والإحسان لا أدري كيف سيكون الحال..؟! والغريب إنني مع كثرة ما كتبتُ وبيّنتُ من حقائق، وذكرتُ مناطق بأسمائها، لم أتلقَّ أيَّ تعقيبٍ أو سؤالٍ من الجهة المعنية، وهي (وزارة الشؤون الاجتماعية) على غرار ما يحصل من جهاتٍ أخرى، وفي مواضيع أخرى..! إن الأمانةَ عظيمةٌ، والذممَ لا تبّرأ إلاَّ ببذل الوسعِ والجهدِ، ونحن في بلدٍ -ولله الحمد والمنّة- من أقوى البلدان اقتصادًا، وولاةُ الأمر -وفّقهم الله- دائمًا ما نسمعهم يوصون المسؤولين بالمواطنين خيرًا. في الوقت الذي يسافرُ فيه المقتدرون والميسورون للسياحة، والاستجمام من عناء العام، يظل هؤلاء الفقراء في العناء، حتى يفرّج الله همّهم، وينفّس كربهم. [email protected]