من جمال هذا الدين وكماله: موازنته بين الأعمال المتعدية النفع، والأخرى التي يقتصر نفعها على أصحابها، وأنه رتّب على فعل الخير للناس أعظم الأجر والثواب، ومن تأمّل هذه الآية الكريمة، وقرأ في تفسيرها وجد عجبًا، ووقف على حقيقة الأمر، قال الله تعالى: (لا خير في كثيرٍ من نجواهم إلاّ مَن أمر بصدقةٍ أو معروفٍ أو إصلاحٍ بين الناس ومَن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف يؤتيه أجرًا عظيمًا). وخير الناس عند الله أنفعهم للناس، والمسلم الحق هو من كان نافعًا لدينه، ومجتمعه، وأهله، وللناس أجمعين بقدر طاقته. ومن فضل الله علينا في هذه البلاد المباركة أن مَنّ عليها بخيراتٍ عظيمةٍ ممّا جعلها وهيّأها لتكون منارةً في فعل الخير وخدمة المحتاجين. فتوجه الخيّرين على اختلاف مستوياتهم للعمل الإغاثي والدعوي في داخل البلاد وخارجها. ممّا ظهر نفعه وأثره في الخارج قبل الداخل. وفي السنوات الأخيرة ظهر توجهٌ جديد محمود وهو: إنشاء عدد من المؤسسات الخيرية؛ على مستوى عالٍ من الدعم والمهنية والإمكانات المادية والبشرية، وتُعنى بقضايا متنوعة (فكرية، أو علمية، أو إغاثية، أو مادية، أو طبية)، ومن هذه المؤسسات الفتية والمباركة: مؤسسة الأمير سلطان الخيرية، وكذا مؤسسة الأمير سلمان، ومؤخرًا مؤسسة الملك فهد -رحمه الله- وخاتمة العقد مؤسسة الملك عبدالله إلى غيرها من المؤسسات الخيرية المنتشرة في طول البلاد وعرضها. ومع تعدد هذه المؤسسات وبالتالي تعدد إداراتها، ولأن هدفها الرئيس والقدر المشترك بينها هو (خدمة المحتاج) أيًّا كانت نوع حاجته، فلي هنا وقفات واقتراحات: 1- في ظني أن هذه المؤسسات الضخمة والتي تجدُ دعمًا قويًّا من مؤسسيها بارك الله لهم وبهم تحتاج لمستوى مناسب من الضوء الإعلامي لبيان مهامها، وأنواع خدماتها، وآلية الإفادة منها، وكيفية التواصل معها. 2- التنسيق بين إدارات هذه المؤسسات، وكذا التواصل مطلوب، لتحقيق أكبر قدر من الفائدة، وإكمال النقص الذي قد يعاني منه بعضها، ومنعًا أو تقليلاً من الازدواجية، أو تكرار المستفيدين. 3 الملاحظ: أن جميع أو معظم هذه المؤسسات تتركز في مدينة أو اثنتين على الأكثر! ولأن أكثر المحتاجين قد يكون تركزهم في المدن والقرى البعيدة أو النائية، فلابد إذًا من التوسع في افتتاح فروع، أو مكاتب، أو على الأقل مندوبين لها في مدن المملكة، لكي يسهل وصول المحتاج دون عناء كبير. خلاصة القول: أقول للمعنيين والمسؤولين عن هذه المؤسسات: الإنسان البسيط صاحب الحاجة - المادية أو العلمية أو الصحية - كيف يصل لكم؟ وكيف تصلون إليه..؟! بارك اللهُ في المؤسسين، والداعمين، والعاملين، ورزق الجميع إخلاص النية، وحسن القصد.. ونفع بهذه الجهود المحتاجين في بلادنا وفي كل مكان.