من نعم الله على أي بلدٍ أو مجتمع نعمة الاجتماع والتوحد، ومن أعظم النقم والشرور شر الفرقة والتشرذم، وقد مَنّ الله علينا نحن سكان هذه البلاد المباركة بنعمٍ عظيمة، فامتنَّ الله علينا، وجعلنا من أهل بلاد الحرمين، فأي شرفٍ هذا؟ وامتنّ بنعم أخرى، فجمع كلمتنا، ووحد فرقتنا، فأي فضلٍٍ هذا؟ فاللهم لك الحمد، وجزى الله الملكَ الإمامَ عبدالعزيز -رحمه الله- عن أهل هذه البلاد خير الجزاء، عندما أجرى الله الخيرَ على يديه فأسس هذه الكيان، ووحّد البلادَ والعباد، وجمعَ الناسَ على كلمةٍ سواء، وعلى شرعِ اللهِ، وهدي نبيهِ صلوات الله وسلامه عليه. وعندما يمرُ بنا تاريخُ هذه الوحدة العظيمة، فإننا نتذكرُ في حقيقةِ الأمرِ نعمةً عظيمةً نُجدِّدُ عند تذكرها الشكر لله صاحبِ الفضل، وواهبِ النعم، والدّعاء لمن سعى وبذل وأعطى. وقد أراد الله الخيرَ بهذه المملكةِ المباركة التي اضطلعت بمهمة عظيمة وهي: حمايةُ وخدمةُ البلدتين والحرمين الشريفين، ففجّر لها الخيرَ والثروات من باطنِ الأرضِ، ورزقَ أهلَها من حيث لا يحتسبون! ولم يقتصر خير هذه البلاد على نفسها فقط، بل عمّ أرجاء الأرض، وانتفع منه وبه المسلمون في كل مكان. ولا يزال الخير موجودًا، ونعم الله تترى، نسأل الله دوام النعمة وحسن الشكر والعمل. ومع هذا الخير الذي تنعم به البلاد والعباد، ومع ذلك الحرص الشديد، والحنو الظاهر من ولي الأمر -حفظه الله- على رعايةِ المواطن، ومحاربة الفقر في داخل الوطن، ومع ما تمّ اتخاذه من إجراءات موفقة تتعلقُ بالضمان الاجتماعي، إلاّ أنه لا تزال بعضُ أجزاءٍ من بلادنا -ولأسبابٍ أجهلها- يعاني بعضُ أهلها من (الفقر المُدقع) بل قد لا يتصور كثيرون -وحق لهم ذلك- أن بعض المواطنين لا يجد مأوى يؤويه أو سكنًا طبيعيًّا يسكنه!! لقد وقفتُ بنفسي في أيام هذا العيد في بعض مناطق الساحل الغربي الشمالي (بالقرب من محافظة أملج) على مواطنين يعيشون في الصحراء، ويسكنون بيوتًا من خشبٍ وخيامٍ لا تسمنُ من برد ولا تُغني حرٍ، أو هواء، أو ريح!! قد أنهكتهم الشمس، وأخذ منهم العناءُ والشقاءُ كلَّ مأخذ!! وبسؤال بعض المعنيين بتلك الشؤون أخبرونا أن في عددٍ من القرى والهجر المتناثرة في هذه المناطق حالات كثيرة، يعاني أهلها من الفقر واليتم والمرض، وعدم وجود الدخل الثابت!! لا أدري ما هي الأسباب التي جعلت مثل هؤلاء المواطنين لا يستفيدون من الخيرات التي منّ الله بها علينا جميعًا؟ ولماذا لم يوفر لهم ما توفر لغيرهم من العون الذي وفرته الدولة، ويحرص عليه ولاة الأمر وفقهم الله؟ دعوة للمعنيين من المسؤولين أن يلتفتوا لكثيرٍ من قرانا وهجرنا البعيدة في السواحل وغيرها، فلعل فيها من المحتاجين من لا نعلمه؟ وهو لا يسألُ الناس إلحافًا!! [email protected]