حتى الأرواح التي أزهقت، والعيون التي فقئت، والأموال التي نهبت، والقيم والأخلاق التي انتهكت أصبحت خاضعة لحسابات الربح والخسارة.. فإن جاء الحكم على مبارك اليوم مخففًا فهذا في صالح مرسي، وإن جاء مشددًا ففي صالح شفيق، فإن كان التأجيل، ففي صالح الطرف الثالث! في ضوءِ ذلك، ولأنه مزاد علني مكشوف ومخطط لإجهاض الثورة مفضوح، فلماذا لا تكون المقايضة على هذا النحو: امنحوا مبارك براءةً أو حتى تعويضًا عن الفترة التي قضاها يتعالج ويتسلى ويتريّض في مركز الطب العالمي، واتركوه يسافر بحيث لا يراه الشعب مرة ثانية بشرط وحيد.. أن يأخذ معه تلميذه الشفيق! فإن رأيتم أنها حسبة ظالمة، فاسجنوا المناضل الشاب عصام سلطان وحولوه هو للتحقيق أمام النائب العام! حساباتكم خاطئة، ورهاناتكم فاشلة وتجاربكم كلها ساقطة، وخياراتكم ساذجة والشعب لا ينسى! تخمد الثورة قليلًا فتشعلونها بقراراتكم وخياراتكم وشفيقكم وكأنكم في منافسة بل في معركة مع الشعب! ملايينكم الخمسة لا تحبكم ونقسم أنها لا تحبه ولا تحبكم فانتبهوا جيدًا لتلك الفئة المهمومة التي ستفيق يقينًا من الغفلة والأحلام المكتومة، وستصنع فيكم ما رفض الشعب أن يصنعه معكم منذ اللحظة الأولى! اسمعوا صوت نبيل العربي الذي خرج عن دبلوماسيته بل عن أعصابه وهو أمين عام للجامعة العربية قائلًا لكم:عقارب الساعة لن تعود للوراء.. الأمر الوحيد الذي يبقى كبارقة نور أن عقارب الساعة لا يمكن أن تعود للوراء! الحسبة واضحة أمام الشعب، فهناك خلف القضبان، ما زال التجار القتلة، وخلف الشاشات بعض الموتورين السفلة، يروجون للفساد وللرشوة. الحسبة واضحة أمام الثورة والثوار.. إذ لا مفر من المسير لإزالة العراقيل من طريقه الكبير. لقد جاء ترشيح شفيق ليعيد للثورة بهاءها، وللقوى الوطنية الحقيقية وهجها.. للبرادعي قيمته.. لحمدين ضياءه، ولعبدالمنعم مهمته! يخمد الخضيري فيهب نور فرحات، تختفي أو تنزوي ريم ماجد فينصهر محمود سعد الجديد، يخرج سليم العوا فيعود عمرو موسى.. إنه الشعب الذي يسعى بكل شوق ليعيد للوطن، كرامة أهدرت من زمن! إنها الثورة النقية التي لا تعترف سوى بالوجوه النقية، أما أولئك الذين ما زالت أياديهم الخائنة تعبث بالقضايا والأوراق وتظن أنها تتحكم في تقسيم الأرزاق فتتاجر بالأصوات وبالقنوات وبالأيام لتزيف وجه الأيام، فقد كشفهم الشعب في المرة الأولى، وها هو يفضحهم في المرة الثانية! [email protected]