من حق حمدين صباحي المرشح لرئاسة مصر أن يغضب أو يغار ومن حق عبد المنعم أبو الفتوح أن يفرح أو يغتبط بعد المناظرة التاريخية التي جرت ليلة السبت وكان طرفها الثاني عمرو موسى..مع ذلك يظل حمدين قاسما مشتركا في أي حديث أو توقع خاص برئيس مصر المقبل. والحاصل أن الثوار في مصر يحسبونها على هذا النحو: لو عبد المنعم وموسى ننتخب عبد المنعم, ولو موسى وشفيق ننتخب موسى, لكن حمدين أبدا لا يغيب عن أى اقتراح أو فكرة للخلاص من شبح اعادة انتاج النظام المصري القديم. أما عن المناظرة فقد دخلها موسى ب"بطحة الفلول" وشبهة انتاج نظام مبارك المعدل, فيما دخلها عبد المنعم ب"بطحة الاخوان" وشبهة انتاج نظام الاخوان المعدل..والحاصل أن الأول فشل في نفي الشبهة فيما ساهم الاخوان بنفيها عن الثاني اذ تأكد أنهم مذعورون بالفعل من امكانية وصول أبو الفتوح لسدة الرئاسة. لقد ظن كثيرون مثلي أن موسى يمكن أن يخرج منتصرا من المناظرة لاعتبارات عديدة منها حنكته السياسية و لكن هذا الظن خاب تماما ومن الوهلة الأولى. والذي حدث أن موسي دخل المناظرة لا ليخاطب أو ليخطب ود الشعب بشرائحه المختلفة الليبرالية والمحافظة والاسلامية وانما ليخطب ود المجتمع الدولي بمكوناته الامريكية والاسرائيلية والأوربية.. وهي مكونات مهمة بالتأكيد لكنها أبدا لا تكفي لمجئ رئيس مصر الجديد بعد الثورة! وفيما كان موسى يرتدي ثوب وزير الخارجية تارة وثوب أمين عام الجامعة العربية تارة أخرى, كان أبو الفتوح يحاول جاهدا أن يظهر بثوب رئيس ما بعد الثورة وقد نجح الى حد بعيد! لقد أخطأ موسى كثيرا وهو يظن أنه يقف محاضرا أو متحدثا وسط مجموعة من الصحفيين قبيل أو بعيد قمة لوزراء الخارجية أو حتى للقادة العرب.. يتهم هذا السؤال بالنقص, وذاك الاستفسار بالقصور, وتلك الاجابة بالسطحية. وفاته أنه يخاطب وجدان شعب بأكمله! وفيما كان أبو الفتوح ينطلق على فطرته بلا قيود مخترقا صفوف شرائح جديدة, كان موسى يستخدم يده ثم جسده كله وكأنه يظن أن لغة الجسد يمكن أن تطمئن شعبا بأكمله سئم من ترديد مصطلحات: الفوضي.. الشوشرة.. الشعارات الكاذبة..المزايدات التي تضر بالبلد.. المهاترات التي تؤذي البلد.. وغير ذلك من مصطلحات رددها رموز النظام القديم. بل ان موسى الذي أحبه الناس وكرهوا اسرائيل نسي بل رفض أن يأخذ الانشودة معه, فهو يرفض أن يكره الناس اسرائيل ويعتبرونها العدو الاستراتيجي طالما بقيت على جبروتها وقوتها النووية المهددة! ومهما يكن من أمر فقد جاءت المناظرة تاريخية بكل المقاييس, حيث نامت بعدها مصر مطمئنة لأول مرة.. فان جاء أبو الفتوح خير وبركة ودم جديد وضمير وطني نقي..وان جاء موسى فخير ألف مرة من كل فلول مجاهر! [email protected]