عندما يستمر الحزن داخل النفس البشرية ويطول عن الحد الطبيعي، فإنه لا يقتصر أثره على إصابة حياة الشخص الحزين بالشلل أو التباطؤ، بل إن آثارها قد تمتد لتتسبب في أضرار صحية ونفسية عليه. المؤكد أن الحزن واستمراره لن يغيرا في الواقع شيئا. كما أن الاستمرار في تذكر الأحزان وترديد العبارات الحزينة لا يفيد في تخفيفها أو إزالتها. بل إنه في الواقع يسهم في إبقائها مع آثارها السلبية لوقت أطول، بشكل أصعب في التخلص منها أو علاجها. من المهم في البداية أن تدركي أن الله تعالى جعل الحياة ميدانا للعمل، وأن كل ما يصيب الإنسان فيها خير، إن أحسن التعامل معها. فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وليس ذلك إلا للمؤمن" المعرفة اليقينية بأن المصائب تقع على الناس كلهم، وأن الله تعالى جعلها إما لتكفير الذنوب أو لرفع الدرجات، يجعل النفس المؤمنة تطمئن لهذه الأقدار. وأن الله تعالى يمتحن بتلك المصائب إيمان الناس ليرى ما يفعلون. ولكن يجب أن يعلم الإنسان أن الله تعالى جعل بيديه قدرة لا يستهان بها، وأنه لابد أن يتعامل مع ظروفه وفقا لما يستطيع عمله. بل إنه مما يثير الأسف الشديد أن نرى عددا من الأشخاص غير المسلمين، وقد واجهتهم صعاب شديدة، ولكنهم استطاعوا التغلب عليها، والتعامل معها بقدر كبير من الإيجابية، في حين أننا نرى أحيانا ردود فعل سلبية أو محبطة عند العديد من أبناء المسلمين وبناتهم، ممن يتمتعون بمقدرات هائلة، ولكنها توقفت بسبب مواقف صغيرة جعلتهم أسارى لها. هذه النماذج سنستعرض بعضا منها بإذن الله تعالى في الحلقة القادمة. عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود [email protected] @mshraim