لا تتعجب يوما ما إذا دخلت أحد أندية بناء الأجسام المكتظة بالشباب وسمعت صوتا كأنه زئير أسد يطلق كلمة «وحش»، أو «برافو يا وحش»، كتشجيع لأحد الشباب وهو يحمل أوزانا ثقيلة أو يمارس نشاطا بدنيا آخر. فباتت كلمة «وحش» اليوم متداولة على نطاق واسع في أندية كمال الأجسام حيث يطلقها المدربون على اللاعبين الذين قطعوا أشواطا كبيرة في بناء أجسامهم والالتزام بالبرنامج المحدد لهم كنوع من التحفيز لهم. وتعني تلك الكلمة أن صاحبها يتمتع بالقوة والقدرة والتحمل. وبشغف بالغ يفضل عدد من الشباب والمراهقين على حد سواء لعبة كمال الأجسام وبناء جسم متناسق ومعتدل القوام. حيث يقول المدرب عبدالبديع القرشي : إن أغلب الشباب يفضلون العضلات المقسمة من جهة البطن، والمنفوخة من الصدر، ويأتون بصور لأبطال في أفلام غربية ليكونوا مثلهم، وأتذكر أن شابين طلبا مني أن أنمّي جسميهما حتى يصبحا مثل لاعب النادي الأهلي البرازيلي فيكتور، وآخر مثل بروسلي. وأشار عبدالبديع إلى أن كلمة كمال الأجسام تعني جمال الأجسام وبنائها، ويعتمد نجاحها على ثلاث قواعد هي الأكل والراحة والتمرين. وبحسب المدرب عبدالكريم الشوكاني وهو كابتن رياضي في بناء الأجسام، فإن بعض الشباب يتطلعون لأن تصبح أجسادهم أمثال البطل العالمي ناصر السنباطي، وشون راي، فيما البعض الآخر فضلوا جسما متناسقا مثل جسم الممثل العالمي توم كروز. برستيج وفي السياق ذاته أكد مشرفون في تلك الأندية انتشار ظاهرة ارتياد الأندية الرياضية كنوع من البرستيج والتفاخر بين الأقران والزملاء دون أن يكون هناك هدف واضح وحقيقي من الاشتراك، خصوصا عند الطبقتين المتوسطة والعالية. وهنا عاد القرشي ليقول: روادنا إحدى ثلاث فئات إما متدرب اشترك ليواصل تمارينه ويعرف سبب دخوله النادي، وإما زملاء اتفقوا على الاشتراك جميعا في نادٍ معيّن والحضور والانصراف سويًا من باب التشجيع والتنافس، وإما شاب يريد أن يتعلم ويكتشف هذه اللعبة وهم قلة. أما أحمد منصور( 23 عاما) فقد قرر هو ورفاقه منذ نحو عام الاشتراك في نادٍٍ مجاور لهم أسوة بأبناء عمومته وجيرانه وكنوع من (المشاركة الوجدانية) على حدّ قوله لكنه لم يواصل مسيرته الرياضية بسبب تخلف أبناء عمومته عن الانتظام. وعند عتبة باب أحد الأندية الرياضية قابلنا كمال السيلاني الذي أنهى برنامجه للتو. وقال: هناك فئة من الشباب يتراوح سنّها بين 16 إلى 19 عاما تشترك في النادي كنوع من البرستيج، فيما وصف المهندس طارق زيدان إقبال الشباب على الأندية الرياضية حتى لو كان للبرستيج، بأنه أمر ممتاز بدلا من أن ينشغلوا بأشياء أخرى قد تضرّهم» على حدّ قوله. تفاوت الأندية ومن خلال جولتنا على عدد من الأندية يمكن تصنيف أندية بناء الأجسام إلى ثلاثة أقسام: أندية صغيرة تقدم خدمات محدودة للمشتركين تقتصر على اللياقة وبناء الأجسام،وأخرى متوسطة تقدم حوافز للمشتركين مثل استخدام حمام الجاكوزي والسونا بخار، وثالثة كبيرة حيث توفر لمشتركيها مزايا وعروض مثل إنترنت لاسلكي ورعاية خاصة. وعلى الرغم من الرسوم الباهظة التي تفرضها بعض الأندية إلا أن ذلك لم يمنع الشباب من الاشتراك والانتظام فيها. يقول المهندس طارق زيدان أحد المشتركين في نادٍ رياضي معروف (جنوبجدة): قبل أن أدخل هذا النادي اشتركت في آخر فلمست الفرق، حيث وجدت في الأندية الكبيرة عناية خاصة وجودة في الأجهزة وتنظيمًا في المقر والمحافظة على لياقتي، وتهوية مناسبة للمكان، مشيرا إلى أن بعض الأندية الصغيرة تكون مقراتها في البدروم تحت الأرض الأمر الذي يسبب ضيقا في التهوية. من جهته بيّن كمال السيلاني سبب تفضيله الأندية الكبيرة على الصغيرة بقوله: في بداية الأمر اشتركت في أندية صغيرة وفرحت بالتوفير ولكنني تفاجأت بأنني لم أحقق هدفي والمتمثل في إنقاص الوزن. ورفض طلعت محمد الاشتراك في الأندية الكبيرة واصفًا إياها بالأندية الترفيهية فيما لعبة بناء الأجسام واللياقة تتطلب تركيزا عاليا، وهو ما لا يتوفر فيها. وفضّل المتدربان صابر الحربي ونواف محمد سعيد الاشتراك في النادي المجاور لهما لما يقدمه لهما من رسوم رمزية تقدر ب250 ريالا شهريا وخدمة مريحة. ومن جهته صرح ل»المدينة» عضو الاتحاد السعودي لبناء الأجسام الكابتن سمير أبو الخير بأن لعبة بناء الأجسام تفتقد للاهتمام بالرغم من وجود لاعبين على مستوى عال من الاحترافية، إلا أنهم لم يلقوا دعما كافيا، مطالبا المسؤولين بتنظيم بطولات محلية وإقليمية وذلك لإبراز قدرات هؤلاء الشباب.