اشتكى أولياء أمور بعض الطلاب السعوديين الدارسين في المملكة المتحدة من معاناة أبنائهم في الدراسة على خلفية توقف المدارس السعودية في بريطانيا نتيجة تعرضها لإهمال ونقص للموارد المالية فضلا عما تواجهه من عدم اعتراف بالشهادات الصادرة منها. وأكد أولياء الأمور ل «المدينة» حرصهم الشديد على انتظام أبنائهم على مقاعد الدراسة في المدارس السعودية في بريطانيا لغرس المبادئ الإسلامية النبيلة وإثراء الحصيلة اللغوية وتأكيد الهوية الوطنية من خلال شعور الطالب بالمدرسة التي تمثل جزءا من وطنه الغالي بالإضافة إلى زيادة التواصل الاجتماعي وحفظ القران الكريم وتهيئة الطالب للتأقلم مع البيئة السعودية. وأوضح المبتعث عبدالله الشمري بمرحلة الدكتوراه في بريطانيا أن لديه أربعة من الأبناء يدرسون في مراحل مختلفة بالمدارس السعودية وانه استبشر خيرا في بداية بعثته عندما وجد تلك المدارس السعودية حيث اعتبرها المكان المناسب لتعويض أبنائه ما يفتقدونه في الغربة خاصة من الناحية التعليمية التي تجعلهم مرتبطين بالمناهج السعودية التي تحظى بجرعة كبيرة من مناهج الدين واللغة العربية بالإضافة إلى ارتباطهم النفسي والمعنوي حيث يلتقون بأطفال الإخوة السعوديين المبتعثين ويتحدثون معهم ويقضون اوقاتهم وهم في أمس الحاجة إلى ذلك. وأكد أن معاناته بدأت مع بداية العام الدراسي قبل الماضي عندما تفاجأ بعدد من التغييرات بدأت من تحويل مسماها إلى مراكز ثم تقليص الدور الذي تقوم به، مشيرا إلى ان التغييرات صاحبها كثير من الجدل والآراء المتناقضة من مدراء المدارس والمسؤولين في الملحقية الثقافية في بريطانيا الذين أتحفونا في خطوة لاحقة بقرار إلغاء الشهادات للدارسين في هذه المدارس والاكتفاء بالشهادات البريطانية دون إصدار توضيحات عن معادلة هذه الشهادات وما الذي سيتم في حق هؤلاء الأبناء ومراحلهم الدراسية عند عودتهم إلى ارض الوطن. وأضاف الشمرى أن الأمر زاد سوءا خلال العام الجاري مع الارتفاع الباهظ للرسوم الدراسية التي تم تحصيلها أكثر من مرة بحجة عدم وجود ميزانية كافية للمدارس في بريطانيا الأمر الذي دفع أولياء الأمور من الطلاب المبتعثين لاقتسام ميزانية المدارس من مكافأتهم الشهرية التي هي بالكاد تكفي نفقتهم ومصاريفهم الشخصية. واستغرب الشمري أن يصل الأمر إلى هذا الحد الذي يهدد مستقبل أبناء المبتعثين وتغيير سياسة التعليم المجاني إلى تعليم برسوم كبيرة في ظل الدعم السخي واللا محدود من حكومتنا الرشيدة التي لم يقتصر دعمها على المبتعثين وحسب بل امتد ليشمل أسرهم وأطفالهم وتذليل الصعوبات التي من شأها التأثير على مسيرتهم التعليمية. أما المبتعث إسماعيل عبدالله الفالح فأكد ان لديه طفلين في سن الدراسة النظامية وهو يعاني من قلق دائم من اندماجهما في المدارس غير السعودية والتي تختلف لغة وتعليمًا وثقافة بل وقد تبعدهما عن لغتهما الأصلية وثقافتهما وهويتهما الدينية والوطنية مشيرا إلى ان عقول الأطفال في هذه المرحلة العمرية تكون أسرع في تلقي واستقبال المعلومات لذلك فالمدارس السعودية تدعم الثقافة الوطنية واللغوية والإسلامية التي حثنا علينا ديننا الحنيف. وأشار إلى أن التغييرات التي أدخلت في الآونة الأخيرة أبعدتها عن الهدف الذي تأسست من اجله ناهيك عن المصاريف المرتفعة بعد تراجع دعم الملحقية الثقافية الذي كان يشكل جزءا كبيرا من تكاليف الدراسة مشيرا الى أن مكافأة الابتعاث أصبحت بعد هذه الزيادة في المصاريف غير كافية وتسببت في تراكم الأعباء المالية على اسر الأطفال وتشتت المبتعث عن الهدف الأساسي من الابتعاث. من جانبه أوضح مدير المدرسة السعودية عبدالله الدخيل ان المدارس السعودية نشأت ملاصقة للأندية السعودية قبل أكثر من 25 عاما وكانت عندئذ حافلة بكل ما يهم المبتعث تجاه أبنائه وبناته اذ توفر لهم المكان المناسب لربطهم بوطنيتهم وولائهم ودينهم مشيرا إلى أن المنهج السعودي ركز بصفة خاصة على الدين واللغة والتربية الوطنية بل وفر لهم بيئة اجتماعية شبيهة بالبيئة الأصلية في المملكة حتى يعتادها الصغار قبل الكبار. وأوضح الدخيل أن المدارس السعودية تعرضت قبل 3 سنوات لحملة الهدف منها إغلاق المدارس السعودية خاصة بعد صرف شهادات للصفوف الابتدائية بحجة انه نظام انتساب لا تنطبق عليه هذه الميزة. مشيرا الى انها حجة واهية اذ يمكن استثناء مدارس الخارج علما بان الكادر التعليمي فى الخارج يفوق في الغالب الكادر في الداخل لان اغلبهم من حملة او طلبة الماجستير. وأضاف أن الحملة استطاعت للأسف إلغاء شهادة الابتدائية تماما هذا العام ونجحت في تقليص الدراسة من 20 أسبوعا في السنة إلى 16 أسبوعا بواقع يوم أو يومين من كل أسبوع وقد تابع هذا الإلغاء تضييق مالي عنيف حيث لم تحصل المدارس على ميزانيتها من الملحقية الثقافية إلا ما يعادل خمس التكلفة الحقيقية بحجة أن ليس لديهم بند مرتبط بوزارة التربية والتعليم أو وزارة التعليم العالي. واستطرد الدخيل قائلا: انه اضطر كمدير مدرسة لأخذ سلفة من أولياء الأمور لإدارة دفة العمل في المدرسة وفق خطة مرسومة وقد أثقلت هذه السلفة كاهل ميزانية أولياء الأمور خاصة ان أغلبهم يتقاضون مكافآت ابتعاث تكاد تغطي مصاريفهم المعيشية في بريطانيا. وأشار إلى أنه في ظل تكالب الالتزامات المالية وعدم وجود عوائد كافية لتغطيتها في الوقت الذي لم استطع الوفاء بتسديد السلف المالية لأولياء الأمور اضطررت إلى الإعلان عن توقف المدرسة «قائلا: أنا مجرد طالب مبتعث أعيش مثل أولياء الأمور على مكافأة متواضعة. وأكد أن مدراء المدارس ليس لهم دخل في توقف المدارس مشيرا إلى أنهم تعرضوا لمواقف محرجة مع أولياء الأمور حيث كانوا يتوقعون من الجهات المعنية الدعم الكافي وميزانية مناسبة تتناسب مع الجهد المبذول خاصة انهم تطوعوا بالعمل بدون مقابل مادي.