أوضح الدكتور سحمي بن ماجد الهاجري أن المعركة التي دارت حول الحداثة في التاريخ الأدبي والثقافي بالمملكة صحبتها كثير من جوانب الطرافة والإثارة، ومن ذلك أن طرفي المعركة كانا يتفقان على عبارة واحدة ولكنهما يختلفان على معنى العبارة، مع عدم خفاء كم الحمولات الايديولوجية لدى كل من طرفي المعركة وطغيان تلك الحمولات على حساب الجوانب المعرفية والجمالية، مبينًا أن النظريات النقدية الحديثة لم تغب عن قاعات الدرس في أقسام الأدب واللغات في جامعاتنا، مؤكدًا أنها تقلصت على مستوى الممارسة النقدية ومنابر الأندية الأدبية تحديدا بشكل لافت، مرجعًا الذاكرة إلى ما كان يقوم به الدكتور سعد البازغي والدكتور عبدالله الغدامي والدكتور سعيد السريحي وأمثالهم وهو يجوبون أنحاء المملكة ليحللوا النصوص الشعرية والقصصية على ضوء النظريات النقدية الحديثة مثل البنيوية والتفكيكية القائمة على تفكيك بنية النص وإعادة تركيبها بطريقة مغايرة لوظائف عناصرها الأصلية، ليصبح الهامشي مركزيًا والمركزي هامشيًا وهكذا. جاء ذلك في المحاضرة التي نظمها النادي الأدبي في منطقة حائل مساء يوم الاثنين الماضي بعنوان «المنهج القديم المتجدد»، واستعرض فيها الهاجري جانبًا من المعارك والآراء حول بعض المصطلحات النقدية الحديثة، مركزًا في حديثه على نظرية «السيميائية» لافتًا إلى أنها نظرية نقدية مهمة تتميز بأنها واسطة العقد بين كثير من النظريات الحديثة، وأنها تمتد من الأصول اللسانية إلى الأصول الفلسفية، ويتقاطع هذا الامتداد مع امتداد آخر يبدأ من تداخلها مع نظرية البنيوية في التزامها بحدود النص، وصولًا إلى نظرية التداولية. لافتًا إلى اختلاف النقاد حول مرجعية «السيميائية» عند تحرير المصطلح، غير أنه أشار إلى أن أغلب النقاد العرب يفضلون مسمى السيميائية لأنها كلمة عربية فصيحة جاءت من دائرة (السمة، الوسم، السيماء)، فيما يختلف عنهم الدكتور عبدالواحد لؤلؤة الذي يرى أن كلمة (السيمياء) دخيلة تعنى السحر، أما السيماء في اللغة فتعنى العلامة ويوافقه في رأيه الدكتور عبدالملك مرتاض. خالصًا من استعراض وجهات النظر إلى المختلفة إلى القول: من المكابرة الزعم بأن المعاصرين هم الذين اهتدوا إلى إشكالية القراءة السيميائية.. ذلك بأننا نصادف قراءات أدبية للنص كشرح المرزوقي لنصوص حماسة أبي تمام وشرح مقامات الحريري». المحاضرة شهدت العديد من المداخلات؛ ففي سؤال للهاجري عما قدمه الدكتور عبدالله الغذامي، أجاب بقوله: الدكتور الغذامي له منجزاته الثقافية وله متابعات، وعنده رغبة في النشر والظهور وله ما له وعليه ما عليه كذلك تقلباته وآراؤه».