يعتقد كثير من المشتغلين في الصحافة عندنا بأن الصحافة الورقية ستعيش طويلاً ولن تهددها الصحافة الإليكترونية. وقد كتبتُ عن المضاد لهذا التصورمن قبل. وجازفتُ حينها بأن وضعت حدوث هذا التحول في حدود خمس إلى عشر سنوات. لست ألوم الذين يدْعون بطول العمر للصحافة الورقية، بيد أن الحقائق التي تغزونا كل يوم، لا تدع لنا مجالاً لتجاهلها. وإحدى هذه الحقائق أن انخفاضاً حدث في مبيعات صحفنا عامة، في هذا العام، مقداره ما يقارب 18%. هذه حقيقة إحصائية مبنية عليها دراسة متخصصة في الشأن الإعلامي. وهناك إحصائية من جهة أخرى هي أن حوالي ستين في المئة من سكان المملكة عمرهم عشرون عاماً وأقل. ولو تأمل الذين يراهنون على عدم تأثر الصحافة الورقية لصالح الصحافة الإليكترونية من تدفق تلك الأجيال القادمة بأصابع تداعب الإليكترونيات ليلاً ونهاراً، لأخطأوا ولعاشوا واهمين. لا أدري لماذا تنتابنا الحساسيات من التحولات، وليس بعضها اختيارياً بتاتاً، وإنما هو ما يفرضه إيقاع العصر. ثم في النهاية هي صحافة، سواء كانت ورقية أم إليكترونية. فالوعاء والوسط هو الاختلاف، وليس المهنة أو الإبداع. وذلك مماثل لانقراض البرق (اللاسلكي). فكانت هناك البرقيات، التي انتقلت إلى فاكسات، التي انتقلت إلى إيميلات، ورسائل جوال، ورسائل ميديا، ورسائل مجموعات بلاكبيري وواتساب وغيره. ما الخطأ في ذلك؟ الغرض والحاجة ظلت، أما الوسيلة أو الوسط أو الوعاء فقد تغير ليتوافق مع تطور التقانة، وتطور العصر والإنسان. ولعله من الطرافة أن بعض إداراتنا الحكومية ما تزال ترسل رسائل تعنونها بأنها (برقية خطية) مع أنها لم ترسل بالمبرقات ولم تكتب بخط اليد! [email protected]