ليس ثمة حدود مانعة، أو خطوط حمراء، أو محاذير، أو سياسات يمكن تطبيقها عليه. هذه كلها خاصة بالمؤسسات المهنية. ولكن الإعلام الجديد الذي يجعل من كل إنسان هو مصدر الخبر، وهو مستهلكه؛ فلا يمكن أن يحدث ذلك. بل من المنافي للمنطق أن يجول في الذهن الطلب من الأفراد ذلك. نحن الآن أمام ظاهرة جديدة. ظاهرة يتسارع فيها نقل المعلومة، بحيث تنتقل التفاصيل من مكان الحدث إلى أقصى أرجاء العالم، في ثوان معدودات. لم يعد من الممكن الانتظار لقراءته في الصحف، أو للاستماع للإذاعة، أو لمشاهدة أخبار التلفاز، حتى التي تذاع في كل ساعة. هناك ملايين الأصابع التي ستنقله للعالم في لحظات. ليس بعد حدوثه، وإنما بينما تتطور مراحله. الإعلام الجديد صدمة قوية للمؤسسات الإعلامية في شتى مجالاتها، بمرونته واستقلاليته وحضوره اللحظي والمكاني. ليس لدولنا العربية فقط؛ بل أيضاً للمؤسسات الغربية الأكثر تطوراً وانفتاحاً. لكنهم استطاعوا توظيفه. لقد حقق هذا الإعلام الجديد حالة من عدم التكافؤ في المنافسة بينه وبين المؤسسات الإعلامية. فكيف تستطيع هذه المؤسسات بعوائقها المالية والرقابية واللوجستية؛ أن توجد مندوباً لها في كل متر مربع من الكرة الأرضية، في كل ثانية من ساعات الليل والنهار؟ لقد أتاحت التقانة الوسائط الإليكترونية الخاصة بهذا الإعلام لكل الناس، من أفقرهم إلى أغناهم، في كل الدول، سواء التي تصنف في العالم الأول أو العالم الأخير. وقد حان الآن الوقت لمؤسساتنا الإعلامية، إعادة النظر، ليس في حتمية اكتساح الصحافة الإليكترونية للصحافة الورقية؛ ولكن في تهديد هذا الإعلام الجديد لكل الإعلام المؤسساتي بجميع قطاعاته، سواء المكتوب أو المسموع أو المرئي منه. الظروف الحالية والواقعية تحتم عليها إعادة تقويم نفسها، والاستفادة من الفتوحات التقانية والإعلامية الجديدة ووسائطها؛ من أجل الانطلاق بتشكيل حديث مغاير لوضعها الحالي حتى تواكب روح العصر، ومتطلبات المتلقي، وسطوة المنافسة. 6999792:فاكس [email protected]