* ولا أجمل عندي من حياة الغبي الذي يعيش هكذا بعيدًا عن الهم وعلاقته بالحياة علاقة عادية؛ لأنه ببساطة لا شيء يهمه، لا شيء يزعجه، لا شيء يقلقه، يتحرك من مكانه إلى أي مكان، وحين تسأله إلى أين ذاهب؟ يجيبك إلى أي مكان!! وتتساوى في موازينه كل الأشياء، أنا شخصيًا رجل يعشق الأغبياء ربما لأنني أشاركهم ذات الصفة وأذكر أنني في المرحلة الابتدائية وجدت زميلًا عاش في الصف الأول سنينًا لدرجة أن زملاءه أصبحوا معلمين له وأتذكر إجاباته في مادة التوحيد.. من ربك؟ يقول لهم أبويه.. ما دينك.. يصمت.. أركان الإسلام.. يصمت.. أركان الإيمان.. يصمت ومن ثم يغادر الممتحنين فنسأله هل تتوقع أن تنجح؟ يقول نعم.. هل تتوقع أن ترسب يقول نعم.. صدقوني أنني أحببت هذا الزميل الذي عاش حياته بهدوء دون أن يسمح للحزن بالمرور من خلاله لكي لا يدخل مع الآخرين في هموم وحسابات المستقبل، فالدراسة تعب والشهادة تعب والوظيفة معاناة والتقاعد يفقع مرارة المتقاعدين، وكلكم يعي تمامًا متاعب الحياة التي لا تنتهي إلا في عالم الأغبياء لا منغصات أبدا، فبالله عليكم أيهما أجمل أن تكون غبيًا أم ذكيا تعيش تعاسة الحياة، أنا شخصيًا أشعر بأن الغباء نعمة لا يعرف قيمتها سوى الأذكياء.. الله على روعة الغباء وجمال الغباء.. وثقوا أنني لا أتحايل هنا لأقنع غيري بقناعاتي أنا..!!! * هكذا أنا أرى ان الغباء صفة أكبر من أن تكون لأي مخلوق وهو لا يملكها، وكثيرون هم الذين لا يقعون تحت مظلة المفردة، وهي الحكاية المحيّرة خاصة حين تجد شخصًا ما لا هو بالغبي ولا هو بالذكي، طيب إيش يكون يا ترى؟! بين بين، فمثلا يقولون عن الحمار بأنه غبي وهو أذكى المخلوقات، يقولون عن الذي لا يفهم الرياضيات مثلًا غبي وهو ربما يكون الذكي في اللغة.. إذن الغباء صفة نحن نطلقها جزافًا على الآخر الذي ربما لا يملكها والذي أتمناه هو أن تبقى هذه الصفة خاصة جدًا، لأنهم بأمانة يختلفون في كل الأشياء في أحاديثهم وفي أسلوب الحوار وطريقة التعامل وفنون الهروب وطريقة المشي ومهارة الانسحاب وتوقيته، ومن أراد أن يعرف عن الغباء أكثر أقول له ستجد كل ما يهمك في أي كائن يقبل بوظيفة لا علاقة له بها، حتى وإن تعرض لبعض المتاعب سوف يكمل وكأن شيئا لم يكن، فبالله عليكم أليس الغباء نعمة..؟!!! * (خاتمة الهمزة).. العجيب أن هذا الشاعر يقول ليس الغبي بسيّد في قومه.. لكن سيّد قومه المتغابي، وكأنه يتقاطع معي هنا في الفكرة التي قدمتها، لكني على يقين أنه لو عاش في زمننا هذا لتمنى أن يكون أغبى الأغبياء حين يحاصره عقله بالشقاء.. وهي خاتمتي ودمتم.