بعد مضي أكثر من عام على انطلاقة عدد من إذاعات ال(Fm) السعودية اتّضح بأن الكثير منها نسخ مكررة من بعضها البعض، وذلك للتشابه الكبير في المحتوى والمضمون، سواء على مستوى البرامج أو الأعمال التي تبث، وعندما تستمع لأيٍّ منها لا تفرق بينها، لدرجة أنها تبث البرامج المتماثلة في نفس التوقيت، وما ذلك إلاّ للتقليد فقط. أمّا من ناحية ما تقدمه تلك الإذاعات من دعم للوسط الفني السعودي، فالأمر لا يتعدى سابقتها، وكانت الكثير من الأصوات السعودية تعقد على وجود هذه المحطات الكثير من الآمال، ولكن كل تلك الأمنيات والآمال ذهبت أدراج الرياح، فليل الصوت السعودي حالك، ومستمر ولم ينجلِ، ولاتزال الكثير من الأصوات السعودية الجميلة تقبع خلف أسورة التجاهل من قِبل كثير من المحطات، وأصبح لا جديد تحت الشمس. وفي ظل ظروف الإنتاج غير المأمولة، فإن كثيرًا من الفنانين السعوديين يجهدون أنفسهم وميزانياتهم المتواضعة، وذلك لتنفيذ بعض الأعمال وإهدائها لتلك الإذاعات، إلاّ أن هذه الهدايا تجد الرفوف بانتظارها، وبالمقابل تجتهد تلك الإذاعات للحصول على أعمال عربية نستطيع القول عنها بأنها شبه هابطة. كنا في فترة سابقة نعتب ونلوم على المحطة السعودية الوحيدة في تلك الفترة؛ التي كانت تكرّس جهدها وجُلّ وقتها لخدمة أصوات عربية، وقليل من الأصوات المحلية المرضي عنها من قبل تلك الإذاعة، والآن أتت تلك الإذاعات لتؤكد معظمها بأنها مستنسخة لا تختلف فيما تقدمه. عندما تكون موجودًا في أي عاصمة من العواصم العربية، كبيروت أو القاهرة -مثلاً-، فمن المستحيل أن تسمع في إذاعاتهم أغنية خليجية، وليست فقط سعودية، وهذا حق مشروع لهم، لأنهم يريدون خدمة فنّهم، بينما نحن كثير من إذاعاتنا مشغولة ب(بس.. بس) و(هاها هاي) وأصبحت مسرحًا لغير السعودي، بل أصبح السوق السعودي سوق هؤلاء. في السنوات التي كانت لا توجد بها محطات إذاعية سعودية سوى إذاعة البرنامج العام (الرياض)، وإذاعة البرنامج الثاني (جدة) كانت من أولوياتها تقديم الصوت السعودي، وحقيقة قدمت الكثير من الأصوات الجميلة بشكل رائع، وذلك من خلال استضافتهم، أو بث أعمالهم، ولازالت تجتهد بشكل جميل في تقديم أعمال سعودية، وهذا يحسب لها، أمّا الكثير من إذاعات ال(Fm) السعودية فهي لم تقم بدورها المأمول الذي من المفترض أن تؤديه وتقدمه لأبناء هذا الوطن.