أكد خبراء وباحثون ومتخصصون أن ما تحقق في مجال السياحة الداخلية لا يصل إلى تطلعات المواطنين والقائمين على الجهاز السياحي، لافتين إلى ما تتمتع به المدينة من مقومات تؤهلها لتكون وجهة سياحية مميزة ودائمة، مطالبين بالنظر بعين خبيرة للآثار التي تتمتع بها المدينة، والتي لا يوجد لها مثيل، وكذا إعادة هيكلة سكة حديد الحجاز وتنشيط المهرجات الترفيهية الجاذبة. وقالوا إن هناك عوائق كثيرة يجب التغلب عليها من أهمها: تعدد الجهات والمجالس واللجان السياحية في كل منطقة وتراجع دور الغرف التجارية وضعف الوعي السياحي لدى المواطن، وغياب المعلومات السياحية في وقتها، وتقاعس الوزارات الحكومية عن دعم السياحة، تعدد الجهات ذات العلاقة، بالإضافة إلى معوقات تتعلق بالبيروقراطية لدى الجهات ذات العلاقة، وعدم تحديد هوية موسمية سياحية للمنطقة، وغياب الأمان الاستثماري، وارتفاع المخاطر، مشددين في نفس الوقت على أن الدور يقع على الجهات ذات العلاقة بالاستثمار وفي مقدمتها الهيئة العامة للاستثمار لدعم مشروعات استثمارية تسهم في دعم الحركة السياحية واستغلال الإرث الزاخر بعبق التاريخ وصوره، وأهمية البدء الفوري وعدم التأخر في استثمار رافد اقتصادي مهم يتخطى حدود الجانب المادي إلى جوانب ثقافية واجتماعية وتاريخية علمية. السيد علي البيتي مدير عام فندق دار الإيمان انتركوننتنتال بالمدينة حذر من تكرار ما يحدث في أوقات الذروة «المواسم» من الارتفاع العالي لنسب الإشغال الفندقي مما حدا بالبعض من استغلال الحدث ورفع أسعار الإسكان إلى ما يزيد على «200» بالمئة مشيرًا إلى أنه كانت هناك جولات للهيئة العليا للسياحة للحد من هذه الظاهرة التي تسيء لسمعة الإيواء السياحي بالمدينة وكما أوجد جهاز السياحة سقفًا أعلى للأسعار فلا بد من ضبطه أيضًا بسقف أدنى في قاعدة الخصومات حتى لا يتأثر هذا القطاع من أشخاص قد يكون من أصحاب القرار ولكن غير المؤهلين للقيادة والتنافس الشريف كل حسب تصنيفه مما يجعل البعض ينزلقون في تخفيض الأسعار بغية الربح فقط والتي قد تتجاوز أحيانا الحد المعقول مقابل ارتفاع أسعار المواد الأساسية والتكميلية التشغيلية منها والاستهلاكية بشكل كبير مما يؤدي إلى انخفاض نسبة الأرباح. سكة حديد الحجاز وأشار البيتي إلى أن نسبة ارتفاع الإشغال تعد مؤشرًا صحيًا للغاية وهي فرصة لا بد من استغلالها لتغيير الفكر لدى الكثيرين عن السياحة الداخلية خاصة في ظل الظروف الإقليمية المحيطة بنا ومنها الاهتمام بالمواقع التاريخية ذات الصلة بالتاريخ الإسلامي ووضع لوحات إرشادية وتثقيفية والاهتمام بمواقع الغزوات وأن يتم عمل لوحات معتمدة شرعية وتاريخية لتكون إرشادية وتثقيفية للجميع وخرائط لها وإن أمكن أن يكون هناك شرح بالصوت والضوء ويكون ذا عائد استثماري فيصبح موثقًا وبعيدًا عن الاجتهادات التي نراها وقد تصدر من بعض الناقلين لمواقع الزيارات الشرعية وكثير منهم ليس لديه حس سياحي في إيصال المعلومة الصحيحة وكذلك ليس لديه التأهيل الشرعي أو الخلفية التاريخية لهذه المواقع فيتم إيصال معلومة ناقصة أو خاطئة يحملها الحاج أو المعتمر ويوصلها لآخرين بالتالي يكون قد تسبب في تحوير الحقائق ونشر ثقافة خاطئة، كما أنه من الممكن إعادة هيكلة محطة سكة حديد الحجاز وبنفس النهج الخاص بالمواقع ذات الصلة التاريخية ومحاولة إقامة المهرجانات الترفيهية بما يتناسق ومواعيد الإجازات الخاصة بالأسرة متزامنة مع الإجازات المدرسية على أن تكون هذه المهرجانات على مستوى عالٍ وعلى أيدي خبراء ومتخصصين ترضي السائح سواءً من الداخل أو الخارج ذات رسائل تثقيفية توعوية اجتماعية ويتم تقييمها ومدى مصداقيتها من خلال الجمهور وأن تكون في موقع قريب من المنطقة المركزية. معوقات التطوير وأشار البيتي الى العديد من المعوقات التي تقف حائلًا في تطوير السياحة في منطقة المدينةالمنورة منها معوقات طبيعة أو إدارية وكذلك معوقات إجرائية وقد تكون ضمن ثلاث محاور رئيسية أولها داخلية بالمنشأة وثانيها خارجية وهي تلك الجهات الإشرافية أو الرقابية وثالثها فيما يتعلق بالزائر أو الضيف نفسه، وتبرز أهم المعوقات الداخلية في قلة أو ندرة الأيدي العاملة المتخصصة من الشباب ذات الدافعية للتطوير ومواكبته، وأكد البيتي أن هناك العديد الأنظمة والقرارات التي تقف عائقًا أما الاستثمار الخاص بدور الإيواء وتطويره والتي تعوق وتؤثر في المجال التنموي السياحي دون الجلوس أو التباحث مع الأطراف الأخرى ومناقشة القرار قبل إصداره. ضغوطات العمالة وأكد البيتي أن القطاع السياحي في المدينة خصوصًا يواجه عددا من المعوقات التي من الضروري حلها منها التغيرات الاجتماعية، وزيادة الأعباء الحكومية وضغوط المستهلكين لتحسين الجودة، وهيكلة سوق العمل السعودي وضغوطات العمالة الوافدة وتدني معدلات الأجور في السوق السياحي السعودي. وعلى الرغم من أن القطاع السياحي حظى ب «2%» فقط من التمويل الحكومي مقارنة بالقطاع الصناعي الذي حظي ب «88%» من التمويل الحكومي والزراعي ب «10%» من التمويل، إلا انه قاد القطاعات في مجال توليد فرص العمل. وأشار البيتي إلى أن مستقبل الاستثمار في القطاع السياحي مبشر ويثير التفاؤل مع ازدياد الوعي المجتمعي وانتشار المؤسسات السياحية واتخاذ السياحة كصناعة ما يبشر بازدياد فرص العمل، حيث إن كل مليون دولار تستثمر في السياحة تقدم « 167« وظيفة سياحية - بحسب أحد الخبراء - بينما كل مليون دولار يستثمر في قطاع البتروكيماويات يوفر «4« فرص فقط ما يبين الدور المهم الذي يمكن أن تلعبه السياحة في القضاء على البطالة. وداعًا للتنظير الدكتور تنيضب الفايدي الباحث التاريخي التربوي قال إن منطقة المدينةالمنورة تزخر بآثار تاريخية وإسلامية لا يكاد يكون لها نظير في المملكة العربية السعودية، مشيرًا إلى أن الفترة الانتقالية للآثار من وزارة التربية إلى الهيئة العليا للسياحة والآثار أثرت فيها تأثيرًا واضحًا وقال: نحتاج إلى تفعيل الدور العملي وليس إلى التنظير، ففي الجانب النظري يوجد العديد من الرؤى التي تبنتها الهيئة ولكن على ارض الواقع ما زالت تحتاج إلى كثير من التفعيل حيث ما زلنا نجد أن التعريف بهذه الأماكن مقتصر على المطبوعات والأنشطة الفردية أو من خلال المكاتب القليلة المرخص لها والتي لايوجد بها متخصصون على مستوى عال من الثقافة والإطلاع لذلك لزامًا يجب على الهيئة تأهيل المكاتب والشركات بالشكل المطلوب قبل منح التراخيص خصوصًا في المعلومات التاريخية والإسلامية، مطالبًا بضرورة وجود متحف وطني تاريخي في المدينةالمنورة يرتقى بمستوى المتاحف الكبرى أو العالمية كالمتحف الوطني بالرياض، خصوصًا وأن زوار المدينةالمنورة من خارج المملكة وداخلها في موسم العمرة والحج والضيف يتجاوز ال «5» ملايين زائر وأشار الدكتور الفايدي الى انه ومن خلال متابعاته لما وجد في المدينةالمنورة من آثار ولا سيما تلك التي لها علاقة بسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وذلك لأكثر من أربعين عامًا، إن منطقة المدينةالمنورة منطقة أثرية بأكملها، إضافة إلى محافظاتها فهي أكثر ثراء بالسياحة من غيرها. برامج سياحية وليد الريفي مدير يعمل في قطاع السياحة والفندقة قال: إلى الآن يعاني القطاع السياحي من وجود الكفاءات التي تحتاجها منطقة المدينةالمنورة خصوصًا في ظل المعطيات الموجودة من وجود المعتمرين والحجاج على مدار العام إضافة إلى الزوار والمقيمين من داخل المملكة، حيث يعاني الموظف السعودي في قطاع السياحة والفنادق وخصوصا ذوي الوظائف المتوسطة والصغرى من تدني مستوى الرواتب، مشيرًا إلى عدم وجود آلية واضحة وصارمة فيما يخص برامج السعودة ومطابقتها مع أرض الواقع والتي تحتاج لإعادة النظر، وأكد الريفي أن قطاع السياحة والفندقة يزخر بالعديد من الوظائف التي من السهولة شغرها بالسعوديين وتدريبهم ودعم الشركات السياحية من خلال تدريب الشباب، وأشار إلى أن العديد من زوار منطقة المدينة من نزلاء الفنادق يستفسرون عن برامج سياحية تقدم لهم على مستوى عالي ولكن مع الأسف معظمها اجتهادات فردية أو شركات سياحية تعمل على استحياء. كما أشار إلى ضرورة الاهتمام بالمهرجانات الصيفية في المدينةالمنورة والتي تعد فرصة لتنشيط وجذب السياح من الخارج والداخل على حد سواء لما تمتلكه هذه المدينة من مقومات عديدة.