أثار قرار الإفراج على المتهمين في قضية التمويل الأجنبي الكثير من الجدل في الساحة السياسية المصرية،وفجّر الغضب داخل منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية والحركات الثورية،وتباينت ردود الأفعال بين مؤيد ومعارض بقوة،حيث رأى مؤيدون انه قرار طبيعي نظراً لعدم وجود أدلة قاطعة،ويتماشى مع مصالح مصر العليا التي تتطلب استمرار علاقات القاهرةوواشنطن بدون توترات خلال الفترة الانتقالية التي تحتاج فيها مصر دعم كل الأصدقاء، فيما رأى المعارضون أنه " انتهاك " فاضح من جانب واشنطن للسيادة المصرية،وضد أهداف الثورة في استعادة الكرامة واستقلال قرارالبلد السياسي والخروج من عباءة "التبعية " لامريكا التي عاشتها مصر خلال النظام السابق. النائب مصطفى بكري قال: إن خروج الأمريكيين المتهمين من مصر بهذه الطريقة أمر مشين في حق الشعب ،واضاف: إنه لن يسكت على هذه الجريمة داخل البرلمان لمناقشتها ومعرفة من وراء خروجهم وقال : إن وجود طائرة عسكرية امريكية بمطار القاهرة قبل إقلاع المتهمين ب24 ساعة قبل حل القضية يعنى أن أمريكا كانت تعلم أنهم سوف يغادرون البلاد. وهدد بكرى فى تصريحات ل"المدينة" بسحب "الثقة" من حكومة الجنزوري احتجاجا على السماح بسفر المتهمين الأجانب في قضية التمويل الأجنبي واعتبر ما حدث أمرًا مؤسفا. ورفض النائب محمد عبدالعليم داود وكيل البرلمان أن تكون مصر ما اسماه " ولاية أمريكية" وقال: إن سفر الأمريكيين "جريمة" في حق " العسكري" الذي يدير البلاد،لافتاً إلى أن القضية تخص الشعب ،وأن ما حدث يعد تعديًا على استقلال القضاء، وقال انه تقدم باستجواب لرئيس مجلس الوزراء ووزير العدل حول ما أسماه "جريمة رفع الحظر عن سفر الأمريكيين المتهمين في قضية التمويل الأجنبي لبعض منظمات المجتمع المدني واستمرار جريمة الحكومة متمثلة في الصمت وعدم اتخاذ إجراءات حازمة تجاه هذه الواقعة". وأدانت الجماعة الإسلامية في بيان لها ما وصفته ب"تجاهل المجلس العسكري المطالبة بتبادل 50 مواطنا مصريا في السجون الأمريكية من بينهم "عمر عبدالرحمن" بالمتهمين الأمريكيين في قضية التمويل الأجنبي". وطالب "اتحاد شباب الثورة "في بيان له أمس بطرد السفيرة الأمريكيةبالقاهرة آن باترسون في حاله ثبوت تدخل السفارة للضغط علي القضاء المصري في القضية ،وقال اتحاد شباب الثورة في البيان: إنه من الأهمية بمكان إعمال دولة القانون واستقلال القضاء وضرورة تطبيق القانون علي الجميع سواء كان مصرياً أو أجنبياً على أرض مصر طالما ثبت تجاوزه للقانون. وفى سياق متصل قال مصدر قضائي ل"المدينة" : إن عددا من القضاة غير راضين عن الأسلوب الذي جرى به التعامل مع ملف القضية ،وبيّن أن سفر الأمريكيين يعد تدخلا "غير مقبول" في شؤون العدالة من أي جهة،وكشف المصدر النقاب عن وجود تحركات واسعة النطاق في أوساط عدد من القضاة للتقدم باحتجاج رسمي على هذا التدخل من جانب رئيس محكمة استئناف القاهرة في القضية بإيعاز من جهات رسمية في الدولة. من جهته قال الدكتور أشرف المغاورى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة : إن القرار منطقي ولا يمسّ القضاء المصري،وصادر من جهة قضائية وهى لجنة التظلمات،مشيراً إلى أن العلاقات بين الدول تحكمها مواءمات سياسية ومصالح مشتركة،وان مصلحة مصر في هذه المرحلة الانتقالية تتطلب دعم علاقتها بكل الأطراف الدولية وانه من المنطقي أن تسعى القاهرة إلى تجنيب علاقتها بواشنطن من اى توترات في هذه المرحلة. وكانت واشنطن قد أعربت عن سعادتها بسفر الأمريكيين المتهمين في قضية التمويل ألأجنبي ،ويبلغ عدد الأمريكيين 16 متهما،بما فيهم السبعة الذين كانوا محتجزين في مصر بينما لم يكن التسعة الآخرون في مصر لحظة إعلان بدء القضية، وقد دفعت الولاياتالمتحدة خمسة ملايين دولار قيمة الكفالة المقررة على الستة عشر أمريكيا المتهمين في القضية بمعدل 300 ألف دولار كفالة لكل أمريكي من ال16 متهما. وكانت أولى جلسات المتهمين عقدت الأحد الماضي، وأرجأتها المحكمة إلى 26 أبريل،وهو ما زاد الآمال بين مؤيدي النشطاء في إسقاط القضية، لتجنب إلحاق مزيد من الضرر بعلاقات مصر مع حليفتها واشنطن.