في الحياة قصص نجاح لا تكاد تُعد ولا تُحصى، ولولا أن الأمر كذلك لركدت الحياة، ولضعف الاقتصاد ولتلاشت الآمال والطموحات. أعلل النفس بالآمال أرقبها ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل وشبابنا اليوم في حاجة إلى معايشة قصص نجاح يصنعونها بأنفسهم ويخطونها بأيديهم ويقفون على تفاصيلها لحظة بلحظة حتى يستقيم أمرها ويشتد عودها ويقوى بنيانها. وفي عالمنا العربي لا يتم عادة توثيق هذه النجاحات بصورة كافية، ودون مبالغات ولا (بهارات) تشكك في مصداقيتها. وهذه قصة نجاح لفتاة شابة عمرها اليوم 21 سنة، أسسّت في يوليو 2010م شركة أسمتها إندينورو InDinero ومقرها في وادي السليكون الشهير. فكرتها كانت بسيطة، لكنها من خارج الصندوق. وقد عزت نجاحها إلى كونها ذات تجربة غضة غير مكتملة، حتى إن شركائها قالوا: (لو كنا أكثر خبرة وتجربة، لقلنا إنها فكرة سيئة)، ولماتت الفكرة في مهدها. اليوم يبلغ عدد عملاء الشركة 15 ألف مؤسسة تجارية مسجلة في نظام المحاسبة الذي تملكه الشركة الناشئة، والذي يساعد المؤسسات الصغيرة على تنسيق جميع حساباتها البنكية تحت مظلة واحدة مما يسهل على صاحب القرار متابعة كم من المال أنفق، وعلى ماذا أنفق!! فكرة قد تكون ساذجة وبسيطة، لكن صاحبتها جيسكا ماه بدأتها وهي على مقاعد الجامعة (ولا تزال) دون أن تفت في عضدها احتمالات الفشل أو مخاوف الإحباط. تقول جيسكا: (لا يعرف المرء مشاعر النجاح أو الفشل حتى يعيشها)، وتقول: (النجاح ليس سهلاً كما يظهر في البرامج التلفزيونية، وإنما هو مرهق ومقلق). العبرة هنا ليست بالقصة في حد ذاتها، وإنما بالدرس الرابض وراءها! أولاً بساطة الفكرة لا يعني عدم جدواها وصلاحيتها. ثانياً: لا بد من دعم الفكرة بكثير من الجهد والتخطيط والتنظيم والعمل الجماعي أحياناً. وثالثا: لا بد من بيئة نظامية وقانونية تحمي هذه الأفكار وترعاها، ولا تسمح للهوامير بالانقضاض عليها أو تحطيمها باستخدام طرق ملتوية يغلب عليها طابع الاحتكار وإخراج المنافسين من السوق. وأما العامل الأهم، فهو التعليم الجيد المبني على استنهاض الأفكار واستغلال الفرص والتحفيز على الإبداع في عالم المال والتجارة والاقتصاد.