كتبت الأسبوع الماضي عن نظام «من أين لك هذا؟ « والذي قامت هيئة مكافحة الفساد برفعه للمقام السامي لإقراره، وكيف أن تطبيقه يُعدّ بارقة أمل للحدّ من ظاهرة الفساد التي باتت تُؤرّقنا وتُبدِّد أحلامنا، وتُهدِّد مستقبل أجيالنا وتستنفد ثروات بلادنا. وتذكّرت مقولة لطيفة لأحد أصدقائي الأمريكان حين قال لي: «إن لديكم الليمون، والسكر، والماء»، ولكنكم لم توفّقوا في تحويلها إلى عصير «ليمونادة»، وكان يقصد بذلك أننا نمتلك كافة مقومات الدولة الحديثة التي تضعنا بين مصاف الدول المتقدمة فلدينا الثروة –ولله الحمد-، والعلم، والكوادر الفتية، ولكننا لم نستغلها الاستغلال الأمثل. هيئة مكافحة الفساد تحتاج الآن إلى وضع كافة الأسس والخطط والآليات التي تكفل لها تطبيق هذا النظام، وأيضاً مواجهة مراحل ما بعد التطبيق، وضرورة تضافر كافة الجهات الحكومية «كلاً في اختصاصه» لإنجاح هذا النظام، فالهيكل التنظيمي للهيئة يجب أن يُدعم بالكوادر الإدارية والفنية المؤهلة لدراسة كافة قضايا الفساد الإداري، ووضع استراتيجيات وخطط عمل، حتى لا تُهدَر الطاقات في محاسبة سائق شاحنة يُروّج لكيس أسمنت بأعلى من تسعيرته، وفي ذات الوقت نغفل أحد رؤوس الفساد الذي يحصد الملايين من ثروات هذا البلد. كما أن هيئة الرقابة والتحقيق والإدعاء العام يجب أن تسعى إلى دعم توجيهات الهيئة بالنظر في القضايا المرفوعة بوتيرة سريعة تسمح أيضا بالتشهير، كما أن ديوان الخدمة المدنية يجب أن يكون له دور فعّال ورئيسي بالتنسيق مع كافة الجهات الحكومية؛ لتحديد الوظائف التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالصرف من اعتمادات الميزانيات السنوية، وأيضاً من لهم صلاحية اعتماد المشاريع والمناقصات الحكومية. القائمة طويلة بمسؤوليات كافة الجهات الحكومية ودورها المطلوب في إزالة المعوقات التي تقف في طريق تقدمنا. همسة: أعلى سلطة في الدولة عاقدة العزم على نسف ظاهرة الفساد واجتثاثه من جذوره، وقد أسّست هذه الهيئة وسخّرت لها جهازا إداريا سماته الشفافية والنزاهة، وسنّت لها أنظمتها ولوائحها لتكون الذراع القوية لمجابهة الفساد، فادعموها بالله عليكم رأفة بالبلاد والعباد.!!