في حلقة أخرى من برنامج (زدني علمًا) الذي يقدمه الدكتور محمد العوضي كان ضيفه الدكتور عمرو شريف قد تحدث فيها هو وضيفه عن المخ والعقل الظاهر والعقل الباطن. معلومات قد تمر علينا مرور الكرام، وأسماء في علم النفس مشهورة يتردد ذكرها دومًا في الجانب السلبي من أفكارها؛ ولا يُنظر إلى ما قدّمته من علمٍ خَدَم البشرية مثل (سيجموند فرويد)، وهو من مؤسسي علم التحليل النفسي، والذي أخضع العقل للفلسفة العلمية، وعرّفنا بآليات الدفاع النفسي والكبت وإيجابيات تصنيف النفس البشرية بين الأنا والأنا الأعلى وال(هو)، ودوافعنا لفعل الأشياء وعن الغائب في اللا وعي المظلم الذي لا يظهر. بعد كل هذا العلم لم يتم تحديد مكان العقل وكيف يعمل العقل!! الأبحاث العلمية تتحدث عن عمل المخ أثناء حل مسألة رياضية على سبيل المثال، ولدينا علم عن علم الأعصاب والدوائر الكهربائية والوصلات والنبضات ولكن كيف يتم تحويلها إلى مشاعر وإبداع وفكر؟! لا علم لبشرٍ بذلك، إنه سر إلهيّ يدعو لمزيد من التأمل والتفكُّر في عظم خلق الله. تحدث الدكتور عمرو عن مريض لديه ميول اكتئابية له إرادتان، بيد يريد خنق نفسه ويده الأخرى تمنعه، وجدوا أنه أصيب بجلطة دماغية حطمت الأوصال العصبية وأصبحت لا تعمل في الجزء من عقله المتحكم في يده التي تريد قتله. المخ البشري غريب في إدراكه للذات البشرية ولكل ما يحيط بها في هذا الكون الفسيح. سُئل الدكتور ما تعريف العقل؟! فأجاب لا أدري، لأن فلسفة الفكر البشري على مدار خمسة وعشرين قرنًا لم تعرف معنى حقيقيًا للعقل وأشار إلى الكاتب والفيلسوف الأمريكي نعوم تشومسكي (Bing bang of language) الذي تحدث عن وصف الحالة ولم يُفسرها، أي تحدث عن كيف يمارس المخ العمليات العقلية. خلاصة القول: إن العقل هبة إلهية للإنسان، وهو غير المادة، علّمنا الله آلية الفهم والتجميع للمعلومات، ومن أهمها الترميز، علّمنا الله لكل شيء اسمًا، ومن هنا تعلم الإنسان كما ورد في القرآن الكريم (وعلم آدم الأسماء كلها). العقل البشري يمتلك طاقة هائلة عظيمة يعجز العلم عن تفسيرها، من طاقاته المظاهر فوق الطبيعية، والتخاطر عن بعد والإدراك فوق الحسي فيما يفوق طاقة الحواس ويعجز العلم عن تفسيره، كيف يقطع حاجز الزمان والمكان بدقة ويرى أشياء ستحدث أو حدثت بعيدًا عن حواسه؟! خُتمت الحلقة التي أبحر فيها العالمان إلى أسرار المخ عن الطقوس التي يمارسها كثير من الناس وبخاصة رجال الأعمال وكبار الشخصيات ممن يعانون من ضغوط كثيرة قد تؤثر في التركيز والقدرة على التفكير المنظم ومواجهة المشكلات وحلها بطريقة صحيحة ألا وهي رياضة اليوجا والتأمل والرياضات الروحية. وتساءل الدكتور ما علاقة ذلك بالمخ والعقل؟! في الهند خاصة يعلو شأن رياضة اليوجا والتأمل وصفاء الذهن ويركز العقل في هذه الجلسات على هدف ويبدأ بالعد على الأصابع بنغمات معينة ويحدث إيقاعات وكلمات صوتية وتنظيم للتنفس واستحضار للهدف. أليس في ديننا ما يغني عن هذه الرياضة إن جلسنا بعد كل فريضة نؤديها نلتزم فيها بهدي المصطفى عليه الصلاة والسلام لذكر الله على أصابعنا بتركيز شديد واستشعار أننا بين يدي الله تعالى..؟! ثم خُتمت الحلقة بأبيات شعرية أكثر من رائعة فيها رسالة عظيمة: كيفيّة المرء ليس المرء يُدركها فكيف كيفيّة الجبار في القدم سبحانك ما عبدناك حق عبادتك، وما شكرناك حق شكرك.. (وقل ربِ زدني علمًا).