وضعتني الظروف أحياناً في مواجهة أحداث، اكتشفت من خلالها كُتَّاباً ملأوا صفحات الجرائد والمجلات مقالات في مواضيع مختلفة، وهم لا يكتبون مقالاتهم هذه، وإنما تعد لهم من قبل مأجورين، يبذلون لهم من نتاج فكرهم شيئاً يسيراً، يستوفون ثمنه مالاً، أو خدمات لا يستطيع أن يقدمها لهم إلا من كتبوا لهم، وآخرين ملأوا الساحة مؤلفات تتحدث عما لم يتخصصوا فيه، ولم يتأهلوا له من المعارف والعلوم، ولم يعرفوا بها قط، تعدها لهم مكاتب في الخارج أو الداخل، وبعضها هم منشئوها لخدمتهم، ووظفوا لها باحثين في فنون مختلفة، ويعدون لهم كتباً من الوزن الخفيف، يستقون موضوعاتها من كتب الثقافة العامة، أو ما ينشر في الصحف والمجلات عادة، ومرّ بي قصة طريفة فحواها أن أحدهم زادت الأغلفة التي حملت اسمه عن مائتي عنوان، فلما حضرت مجلساً كان هو نجمه، وكنت قد قرأت مؤلفاً نسبه إلى نفسه، في قضية مشهورة عن مكةالمكرمة، فتذكرت معلومة مغلوطة ذكرت فيه عن حدود الحرم، فسألته عن مصدر هذه المعلومة، فكانت المفاجأة أنه أنكر أنه ذكرها في أي من كتبه، فلما أحضر الكتاب في المجلس، اعتذر بأنه نسي أنه ذكرها في كتابه، ووعد أنه سيبحث عن مصدرها، ولو أنك ناقشته فيما زعم أنه ألفه لما استطاع أن يستحضر شيئاً منه قل أو كثر، ومن ممن يزعم أنه الأديب المبدع شعراً ونثراً، من لا يأبه الناس بما ينشره، يبحث عن ما يتصور أنه ناقد ليكتب عنه كتاباً، ولهذا وجدنا من يكتب عن ما لا يحسن نظم بيت من الشعر كتاباً بعنوان: شاعر القرن، واليوم مع وسائل الاتصال الحديث أصبح المزورون يبحثون عن الزبائن عبر رسائل عبر شبكة الإنترنت، وها هو من زعم أن اسمه الدكتور علي محمد أحمد يبعث برسائل مدعمة بتلفونه، وبريده الإلكتروني مدعياً أنه صاحب مكتب إعلامي صحفي متخصص في مصر به العديد من الأخوة الأفاضل من جميع التخصصات العلمية، والحاصلين على درجة الدكتوراه في المجالات المختلفة، في مجال المقالات العلمية المتخصصة، والأبحاث العلمية باللغة العربية والإنجليزية، والقصص القصيرة والطويلة باللغتين أيضاً، ويمكن كتابة مقال يومي في أي تخصص أو تحليل علمي، لأي حدث عالمي أو محلي، وأيضاً تحليل دقيق لأي حدث وتقديم الرؤية العلمية، ويمكن كتابة المسابقات العلمية، أو مقال يومي لأي جريدة أو مجلة أدبية أو علمية، وهناك العديد من الأفكار المستحدثة والجديدة لأي جريدة أو مجلة. نعرض خدماتنا المختلفة عليكم مع ملاحظة أن العمل يتم من خلال البريد الإلكتروني، ولكم منا كل التحية، وابتدأ عرضه بمعصية فلعله زوّر اسمه حتى لا يتعرض لمساءلة قانونية على هذا الفعل المجرم في كل قوانين العالم، وهنا صنف آخر من المزيفين من أدعياء الكتابة والتأليف، يعتدون على ما كتبه أو ألفه الآخرون، وينقلونه بنصه إلى ما يزعمون أنه كتاب لهم، فإذا كشف أمرهم، وجدت دفاعاً فجاً من آخرين مثلهم صناع زيف، يقول أحدهم في هذا الشأن: (إن من سرق جهد غيره وهو صديق له: «قد أنصف القضاء المسروق منه، ولكن في داخلي بيقينية مطلقة أعرف أنه أكبر من السرقة، وأنه وقع ضحية «لطش» من قبل أحد مساعديه في المكتب، أو عدم إلمام بمعنى السرقة الأدبية من الاقتباس)، وهو بهذا أثبت أن صاحبه لا يكتب مؤلفاته وإنما يكتبها له مساعدوه في مكتبه، وهم قد يسرقون من غيره وهو لا يعلم فهو ضحيتهم، وقال هذا المدافع المورط صاحبه عنه: (والله أعرفه كنز من المحفوظات ولو أتى كل الذين هاجموه أو كتبوا ضده صفاً واحداً وجاء صاحبه في مقابلهم وأعطوا ورقة وقلماً، وقيل اكتبوا في أي موضوع، لرأيت الأفكار والشواهد والأبيات والحكم تتزاحم على ورقته ولبزهم في ساعة واحدة، ونسى هذا المدافع الفج أن الذاكرة لا تصنع مبدعاً، وكم من حافظ لا يفهم ما حفظ وإلا لما قال سيدي رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «نصر الله عبداً سمع مقالتي فوعاها ثم أداها إلى من لم يسمعها، فرب حامل فقه لا فقه له، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ثلاث لا يغل عليهن قلب مؤمن، إخلاص العمل لله، والنصيحة لولي الأمر، ولزوم الجماعة، فإن دعوتهم تكون من ورائهم)، فإلى متى يستمر هذا الزيف، ولا يجد من يكشفه للناس حتى لا يغتروا بأهله، وحتى لا تهضم حقوق العلماء والأدباء حقاً، هو ما نرجو أن تصنعه صحافتنا لتكون صحافة تكشف حقاً الأخطاء والسلبيات لتحمي المجتمع من آثارها، فهل تفعل؟ هو ما نرجو، والله ولي التوفيق.