حينما أتمعّن فيما أعلنه رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ( محمد بن عبد الله الشريف) من أن الهيئة» لن تتوانى في مكافحة الفساد، سواء ارتبط برؤوس كبيرة، أم صغيرة، ولن يُستثنى كائنٌ مَنْ كان» (صحيفة الحياة، 6 ربيع الأول1433ه، الصفحة الأولى) أجدُ أنّ منهج الدولة في مكافحة الفساد، يستند إلى مجموعة القيم والمعايير الضابطة للأداء، مقابل هزيمة الفساد، التي تستلزم عملا شموليا يُعَزَّزُ بالجرأة، والشجاعة، لمواجهة سطوة الفاسدين، صغارا كانوا وكبارا. ومن البديهي أنّ الوقوف ضدّ الفساد، وعزله، ومساندة الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وتعبئة الرأي العام ضده، وفضح المفسدين والفسدة، وحشْد المجتمع بكل مستوياته لهذه المعركة، إنما يُعَزَّز بهجوم متصل، وإصلاح العطَب، وعزْل التخريب، ومحاولات الإساءة، التي لا بُدّ من التصدِّي لها. أنقلُ عن أحد الاقتصاديين العرب قوله: «مَنْ يتعدّى ويأخذ أكثر مِنْ حقه، مِنْ دون أن يخالف القانون السائد، ومَنْ يتعدّى ويأخذ أكثر مِنْ حقه مخالفا القانون السائد، كلاهما يوجدان بيئة خِصْبة للفساد الصريح، الذي يخرج مرتكبوه على القانون، دون شعور بالحرج، حتى وإن شعروا بالخوف»،فيما تشير أدبيات الفساد، إلى أن المفسد الكبير في أي مجتمع « من يستغل موارد الدولة، إلى حد بناء القصور الشاهقة، والمنتجعات المتعددة، مما يولِّد عند المواطن العادي، حالة من الاغتراب عن وطنه، ويوجد بيئة يشيع فيها الفساد، مما يتطلب مساءلته، إحقاقاً للعدل، وتطبيق القانون، الذي يضمن للإنسان حقوقه،ويكفل للمواطن كرامته». ما قاله رئيس الهيئة مطمئن، فمكافحة الفساد تتطلب تضافر جهود المجتمع كله، والمفسد الكبير، والمفسد الصغير كلاهما يقترفان جريمة واحدة، من السهل قياسها،لتأمين بيئة نظامية، وإدارية، سليمة، وَفْقا لمعايير الحُكم الرشيد، ومن هنا تؤدي مكافحة الفساد، إلى ارتفاع معدلات الأداء الحكومي، وحماية الناس من الفساد والفاسدين ودوافعهم. من أجل المساواة في الرؤوس، وإنشاء البنيان المؤسسي، دقت أجراس الإنذار في آذان المفسدين، صغارا كانوا أو كبارا، وحان موعد القطاف، فالمجتمع السعودي، وولاة أمره، يرفضون نهب ثروات الوطن، التي تضمن حياة أكثر أمناً، واستقراراً للمواطنين، على نحو نزيه، ولْيَحْفَظ الله وطناً، الغَلَبَةُ فيه لصالح الحق والعدالة.