الفساد حالة أخلاقية غاية في السوء والسلبية، ومن تعترضه بأي صورة من الصور فإنه مصاب بعلة لا براء منها، لأنها مرض خبيث أشبه بالسرطان، ويكفي الفاسد أنه يحصد سخط الله والناس أجمعين، والفساد إثم وكبيرة أخلاقية لا يرتكبها إلا غافل ومخادع وحينها لن يجد من يقف معه أو يدعمه لتجاوز مرحلة الانتكاس الاجتماعي أو ضميره إن كان لديه ضمير غاب مع سبق الإصرار والترصد وهو ينهب حقوق الوطن والمجتمع دون وجه حق. إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بأمر الملك عبد الله بن عبد العزيز يستقيم تماما مع مبدأ الشفافية الذي دعا له وطالب الجميع بأن يتخذوه وسيلة للارتقاء بالخدمة المدنية وتطهير ثوب الدولة من الفساد، لأنه رذيلة لا تستقيم أيضا مع توجهاتنا الوطنية والإنسانية والأخلاقية وقبل ذلك الدينية، ولا أعتقد أن موظفي الدولة بعد الدعم الكبير الذي يحصلون عليه من القيادة الرشيدة بحاجة للنظر الى أسفل الطاولات، لأنه يفترض أن العين قد امتلأت وإن لم تمتلئ بعد فهذا هو الجشع بعينه. ليس أولئك ال «332» هم المفسدين الوحيدين في بلادنا، إذ هناك من هم أشبه بالخلايا النائمة، لذلك يجب تفعيل قانون "من أين لك هذا؟" باعتباره أرقى قوانين الشفافية وأنظمة مكافحة الفساد أمام الهيئة مشوار طويل لاجتثاث الفساد، لكن تدعمها القيادة ما يقصر طريقها للوصول الى كائن من كان ممن تسوّل له نفسه العبث بالمال العام، وهي مشروع مؤسسي للسيطرة على ذوي النفوس الضعيفة الذين يخونون أمانات القيادة والدولة في تصريف الأمور، وعليه ينبغي أن تضع الهيئة حدا للفساد الإداري والمالي، ولا تتكرر قضايا الفساد التي حدثت في جدة كنموذج لأسوأ أشكاله التي نعانيها. ليست جدة وحدها التي تعاني الفساد. كما أنه ليس أولئك ال «332» هم المفسدين الوحيدين في بلادنا، إذ هناك من هم أشبه بالخلايا النائمة، لذلك يجب تفعيل قانون «من أين لك هذا؟» باعتباره أرقى قوانين الشفافية وأنظمة مكافحة الفساد، لأنه لا يعقل أن يكون هناك مسؤول راتبه 15 ألف ريال وثروته تقدر بعشرات ومئات الملايين، ولو أنه لم يأكل أو يشرب أو يصرف ريالا واحدا لما اكتنز ربع هذه الثروة،لكن فليبشر المفسدون بأن المحاسبة مقبلة، وسوف يحاسب كائنا من كان، فلا أحد فوق القانون، وما جدة إلا بداية تكتب سيناريو ومصير كل فاسد، ومع ما تقوم به الهيئة الجديدة ينبغي أن تفعل الأجهزة الرقابية في المؤسسات والجهات التي تعمل في القطاع العام ، بل ويجب أن يكون ذلك جزءا من دور الهيئة، حتى يكون لها جهد وقائي من ناحية، وجهد تنفيذي من ناحية أخرى لكي يضيق الخناق على الفساد والمفسدين، ونضع الفساد في ذاكرتنا، ونرمي هؤلاء المفسدين في مزبلة التاريخ.