بداية أشكر الأخ خضر الجحدلي على تعليقه المنشور على صحيفتنا الغراء وجزاه الله خيرا وحبا عن حبه وتعظيمه لرسولنا وحبيبنا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ونكمل اليوم الفوائد الجليلة في الصلاة على الحبيب صلى الله عليه وسلم وقد كنا استعرضنا الأسبوع الماضي ثلاثين منها كما ورد في موسوعة نضرة النعيم واليوم نكمل التسعة الباقية كما وردت والفضائل والفوائد أكبر من أن تُحصى . الفائدة الحادية والثلاثون :أنها سبب لنيل رحمة الله عز وجل ،لأن الرحمة إما بمعنى الصلاة كما قال ذلك طائفة أو من لوازمها وموجباتها على القول الصحيح.... الثانية والثلاثون :إنها سبب لدوام محبة العبد لرسول الله صلى الله عليه وسلم وزيادتها وتضاعفها ،وذلك عقد من عقود الإيمان الذي لا يتم إلا به ،لأن العبد كلما أكثر من ذكر المحبوب واستحضاره في قلبه واستحضار محاسنه ومعانيه الجالية لحبه تضاعف حبه له وتزايد شوقه له ،واستولى على جميع قلبه ،وإذا أعرض عن ذكره وإحضاره وإحضار محاسنه بقلبه نقص حبه من قلبه ،ولاشيء أقر لعين المحب من رؤية محبوبه ولا أقر لقلبه من ذكره وإحضار محاسنه فإذا قوي هذا في قلبه جرى لسانه بمدحه والثناء عليه وذكر محاسنه وتكون زيادة ذلك ونقصانه بحسب زيادة ذلك ونقصانه في قلبه والشواهد على ذلك كثيرة . الثالثة والثلاثون :أن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم سبب لمحبته للعبد فإنها إذا كانت سبباً لزيادة محبة المصلَّى عليه له فكذلك هي سبب لمحبته هو للمصلِّي عليه صلى الله عليه وسلم . الرابعة والثلاثون :أنها سبب لهداية العبد وحياة قلبه فإنه كلما أكثر الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم وذكره استولت محبته على قلبه حتى لا يبقى في قلبه معارضة لشيء من أوامره صلى الله عليه وسلم ولاشك في شيء مما جاء به بل يصير ما جاء به مكتوباً مسطوراً في قلبه لا زال يقرؤه على تعاقب أحواله ويقتبس الهدى والفلاح وأنواع العلوم منه وكلما ازداد في ذلك بصيرة وقوة معرفة ازدادت صلاته عليه صلى الله عليه وسلم . الخامسة والثلاثون :أنها سبب لعرض اسم المصلي على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وذكره عنده . السادسة والثلاثون :أنها سبب لتثبيت القدم على الصراط والجواز عليه لحديث عبد الرحمن بن سمرة الذي رواه عنه سعيد بن المسيب في رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم وفيه :{و رأيت رجلاً من أمتي يزحف على الصراط ويحبو أحياناً ويتعلق أحياناً فجاءت صلاته عليَّ فأقامته على قدميه وأنقذته } السابعة والثلاثون :أن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم أداء لأقل القليل من حقه مع أن الذي يستحقه لا يحصى علماً ولا قدرة ولا إرادة ولكن الله سبحانه لكرمه رضي من عباده باليسير من شكره وأداء حقه . الثامنة والثلاثون :أنها متضمنة لذكر الله وشكره ومعرفة إنعامه على عبيده بإرساله فالمصلي عليه صلى الله عليه وسلم قد تضمنت صلاته عليه ذكر الله وذكر رسوله وسؤاله أن يجزيه بصلاته عليه ما هو أهله كما عرّفتنا ربنا وأسماءه وصفاته وهدانا الله بها إلى طريق مرضاته وعرفنا جل جلاله مالنا بعد الوصول إليه والقدوم عليه فهي متضمنة لكل الإيمان بل هي متضمنة للإقرار بوجوب الرب المدعو وعلمه وسمعه وقدرته وإرادته وحياته وكلامه وإرسال رسوله وتصديقه في أخباره كلها وكمال محبته ولا ريب أن هذه أصول الإيمان فالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم متضمنة لعلم العبد ذلك وتصديقه به ومحبته له فكانت من أفضل الأعمال . التاسعة والثلاثون :أن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم من العبد هي دعاء ودعاء العبد وسؤاله من ربه نوعان : - أحدهما :سؤاله حوائجه ومهماته وما ينوبه في الليل والنهار فهذا دعاء وسؤال وإيثار لمحبوب العبد ومطلوبه - والثاني : سؤاله أن يثني على حبيبه وخليله ويزيد في تشريفه وتكريمه وإيثار ذكره ورفعه ، ولاريب أن الله عز وجل يحب ذلك ورسوله يحبه فالمصلي على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قد صرف سؤاله ورغبته وطلبه إلى محاب الله ورسوله وآثر ذلك على طلب حوائجه ومحابه هو ،بل كان هذا المطلوب من أحب الأمور إليه وآثرها عنده ، فقد آثر ما يحبه الله ورسوله على ما يحبه هو ،فقد آثر الله ومحابه على ما سواه ، والجزاء من جنس العمل . فمن آثر الله على غيره آثره الله على غيره . وما اتكالي إلا على الله ولا أطلب أجراً من أحدٍ سواه