يبعث المشهد السوري الراهن إلى الأسف والحزن في آن، فالمذابح لا تزال مستمرة ضد الشعب رغم وعود الأسد بوقف العنف، وبالرغم من انتشار بعثة المراقبين العرب في المدن السورية منذ نحو أسبوعين، حيث وصلت المهزلة إلى ذروتها مؤخرًا إلى حد استهداف الصحفي الفرنسي مراسل قناة «فرانس2» الذي قضى في حمص بالرغم من أنه كان قد وصل بدعوة رسمية من السلطات السورية، وإلى حد الهجوم الذي استهدف فريقًا من أفراد البعثة بمدينة اللاذقية ما أسفر عن إصابة 11 مراقبًا، وهو ما تتحمل مسؤوليته السلطات السورية لتوانيها عن حماية فريق المراقبين. المفارقة تكمن في أن نظام الأسد لم يكتف بمواصلة قمعه للمحتجين بعد وصول وفد المراقبين العرب وحسب، وإنما زاد من أعمال العنف والقتل وفق تقرير مراسل صحيفة الجارديان البريطانية أمس بما بدد أي أمل بشان أي نوايا طيبة، لاسيما بعد أن أفصح في خطابه بأن استراتيجيته الوحيدة هي سحق الانتفاضة الشعبية المستمرة منذ عشرة أشهر. ما ذكره الأمين العام للجامعة العربية في المقابلة التي أجرتها معه قناة الحياة المصرية مؤخرًا بأن مهمة المراقبين العرب لن تتمكن على هذا النحو من تحقيق اهدافها، وأن التقارير التي تصله من مكتب الجامعة في دمشق «مقلقة للغاية» يعطي مؤشرا واضحًا بأن الرئيس السوري لم يلتزم ببروتوكول الجامعة وحسب، وإنما أبدى أيضًا استخفافًا بها وبدورها وما يصدر عنها من قرارات، وأنه سخر من بعثة مراقبيها، حيث لم يعد يخفى على أحد أن المحاولات التي يبذلها النظام تهدف بشكل أساسي إلى الاستفادة من الوقت في محاولات النظام إجهاض الثورة الشعبية وانتهاز فرصة أزمة منطقة اليورو وبدء معركة الانتخابات الأمريكية وانشغال الولاياتالمتحدة وأوروبا في معمعة هذين الحدثين في تصعيد حملته الوحشية ضد شعبه. التطورات الدراماتيكية الأخيرة التي تشهدها سوريا يمكن أن تدعم احتمال تدويل الأزمة حتى في حالة ما إذا رفعت الجامعة العربية يدها عنها، لأن مجلس الأمن لن ينتظر طويلا قرارات الجامعة العربية، ولأن روسيا والصين أرسلتا أكثر من رسالة مؤخرًا بعدم رضائهما عن استمرار حمامات الدم في سوريا.