إن الثقافة هي عنوان ودليل على معتقد كل الشعوب وهذه قاعدة ثابتة لدى جميع العقلاء من الباحثين في جذور كل ثقافة حاضرة أو غابرة، والمعتقد قد يكون دينا سماويا صحيحا كالإسلام واليهودية والنصرانية في أصولهما الأولى وقد يكون دينا أسسه أشخاص مقدسون كالبوذية والسيخية والهندوسية والكنفوشسية وغيرها وقد يكون فكرا وتنظيرا كالشيوعية والعقلانية والتنويرية وغيرها والدليل على ذلك أنه بنظرة عاجلة على الشعوب نجد أن دينها ومعتقداتها تضرب بعمق واضح يظهر لكل رائي في تعددها الثقافي. من كتابة وبناء وأندية وملابس وغناء وترفيه وسياسة.... الخ، والقارئ للكتب والمقالات الخاصة بذلك يجد اعترافا صارخا بذلك خاصة في هذا الزمن الذي أسس فيه بعض متطرفي الفكر العلماني أو العولمي قاعدة ثقافية نافقة خاطئة وهي جعل الإنسان هو الذات الوحيدة في الكون؛ لذا في العلوم الكونية من حقنا أن نأخذها فهي مشترك إنساني شاركت فيه أكثر الأمم أما الثقافة فإن لكل أمة أن تضع ثقافتها الدالة على معتقداتها وتغلق ما تراه منافيا ومحاربا لها. وثقافتنا السعودية كشأن أي ثقافة إسلامية أصيلة تتميز بمميزات كثيرة منها على سبيل الذكر لا الحصر: - إنها ثقافة متلازمة تلازما أبديا مع الإسلام فهي تنبع منه وترد إليه. - إنها ثقافة نبعت من أرض ذات حضارة سابقة انتهت وهذب منها الكثير بقوة الإسلام الملهم والداعي لكل خير ومعروف والناهي عن كل شر ومنكر لذا فثقافة الجاهلية قبل الإسلام تعني لنا زادا لغويا لأن القرآن نزل باللغة العربية وأخلاقا جاء الإسلام ليتمها من جهة إخلاصها لله تعالى ومتابعة للرسول. - إنها ثقافة قامت على التوحيد الخالص لله تعالى على يد جميع مؤسسي الدولة السعودية في جميع مراحلها وستظل كذلك بفضل الله الذي هيأ لها قادة يسيرون على ذات المنهج ويحافظون عليه. - إنها ثقافة تسعى لنشر حقائقها الأصيلة دينيا بشتى السبل المتاحة في كل العالم - إنها ثقافة تجد لها أرضا راسخة من القبول والتقدير عند الكثير من علماء ومفكري العالم. - إنها ثقافة تتسم بالهيبة والقوة والجذور الراسخة والبعد في النظرة المستقبلية والتأثير السريع، مما أوجد بدهيا بعض الجفاة والجهلة والجاحدين والمتربصين خوفا وتحذيرا منها ومعاداة لها. - إنها ثقافة ترى في التجديد ارتباطا وثيقا أبديا بإسلامها وترابطا وتكاملا بين الماضي والحاضر والمستقبل وليس انفكاكا وبراءة منه. - إنها ثقافة تنفي النمطية في قوالب فكرية جامدة قائمة على عادات وتقاليد تنافي مصدرها وهو القرآن والسنة الصحيحة وسيرة الحبيب صلى الله عليه وسلم والصحابة رضوان الله عليهم ومنهج أهل السنة والجماعة من خلال العلماء الثقات الذين جعل الله لهم القبول على مر العصور بل هي ثقافة تقوم على قواعد تأصيلية راسخة تحتاج من المثقفين إلى الرجوع الدائم إليها من خلال ما سبق. - إنها ثقافة تعني الرجوع عن الخطأ والقبول بالحق الأبلج والدفاع عنه. - إنها ثقافة تنظر للدين على أنه أصلها وحقيقة وجودها وسبب سلامتها في الدنيا والآخرة ولا تنظر له على تراث ديني أو موروث فكري. ونخلص مما سبق إلى ضرورة التلازم بين الخصوصية والثقافة من خلال الآتي: - يُلاحظ تواتر الداعين إلى ضرورة المحافظة على خصوصية ثقافة كل شعب سواء في البناء أو الملابس او غير ذلك وفي المقابل نجدهم في ذات الوقت يعيبون على العقلاء مناداتهم بضرورة الحفاظ على خصوصيتنا الإسلامية وتنبيههم أننا دولة ذات خصوصية متفردة نفاخر بها العالم أجمع. - يُلاحظ المباركة العالمية لمحافظة أتباع الأديان الوضعية على خصوصيتهم الثقافية النابعة من عقائدهم في مقابل الضغط الإعلامي والسياسي والمالي والاجتماعي لفك الارتباط بين ثقافات المسلمين القوية والمؤثرة وإسلامهم. - يلاحظ المتتبع لأحداث العالم عامة والإسلامي خاصة تململ الأفراد والمؤسسات من حالة الذوبان القسري في ثقافات مخالفة لأصولهم الدينية وبداية الانتباه من وخز التخدير المتمثل في الغزو الثقافي المتعدد الأقنعة والمتحد في الهدف والنية. - المحاولات المستميتة للفصل بين الثقافة والدين تحت دعاوى الحرية الفكرية والإبداع الفكري والتميز الثقافي واللحاق بقطار الحضارة وغيرها من الشعارات. - إيجاد التنافر والتضاد والتصادم بين الثقافة والدين مما أوجد مناخا خصبا للتناحر والسجال الإعلامي الممقوت لنصرة الثقافة وأنها مظلومة ومقصاة. *أستاذة مشارك بجامعة أم القرى بمكة