في الوقت الذي أوشك المخطط الإسرائيلي لتهويد القدس على الانتهاء بهدف زيادة عدد اليهود فيها إلى مليون نسمة وزيادة عدد الوحدات الاستيطانية إلى 130 ألف وحدة، حيث تتسارع وتيرة التهويد والطرد والمصادرة وسحب الهويات بسرعة غير مسبوقة يمكن الاستدلال عليها من خلال قيام حكومة بنيامين نتنياهو في عام 2011 وحده بمصادرة 3200 دونم، وهدم 72 منزلاً، وتوصيل إشعارات إزالة لأكثر من 135 منزلاً. الخطورة هنا لا تقتصر على مصادرة الأراضي وهدم المنازل، والبناء الاستيطاني على تلك الأراضي وحسب، وإنما أيضًا في عزل السكان المقدسيين عن مدينتهم بسبب بناء جدار الفصل العنصري الذي تسبب في عزل عشرات الآلاف منهم، إلى جانب سحب الإقامة الدائمة من آلاف آخرين، وتحويل أحياء عربية بكاملها إلى ما يسمى بالحدائق التوراتية على نحو ما تم مؤخرًا في حي البستان جنوب المسجد الأقصى الذي صدر قرار الاحتلال الإسرائيلي أمس الأول إلى تحويله إلى حديقة توراتية على أنقاض مائة منزل يقطنه 1500 مواطن فلسطيني. ربما أن تلك الأرقام لا تعكس بمفردها حجم الكارثة؛ لأنَّ إسرائيل تخفي ما هو أكثر من تفريغ القدس من سكانها العرب، وطمس وسرقة معالمها التراثية والأثرية، وهو ما عبرت عنه أمس فيما نشرته الحاخامية العسكرية الإسرائيلية مؤخرًا للعرض الإرشادي لجنودها عشية الاحتفال بعيد الأنوار الذي ظهرت فيه صورة ساحة البراق دون قبة الصخرة، بما كشف عن النوايا والمساعي الإسرائيلية تجاه المعالم الإسلامية في المدينة، الهادفة إلى محوها، وذلك بعد محاولتها هدم جسر المغاربة المؤدي إلى المسجد الأقصى ثم إرجائها عملية الهدم لبعض الوقت تفاديًا لإثارة موجة احتجاجات في العالمين العربي والإسلامي لا سيما وأن قرار الهدم صدر عشية الانتخابات التشريعية المصرية . يبدو من الواضح في ضوء هذا التصعيد الخطير أن إسرائيل تعد الآن لمرحلة ما بعد تهويد القدس، إيذانًا بإعلان إسرائيل دولة يهودية بعد تهويد فلسطين بالكامل . خطورة المرحلة التي بدأت معالمها في التبلور في عهد نتنياهو أنها تشكل البديل الإسرائيلي الجديد لحل الدولتين، فهل تنبه الفلسطينيون والعالمين العربي والإسلامي إلى خطورة المشروع الصهيوني الجديد؟