فجر الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح المرشح المحتمل لرئاسة مصر قنبلة من العيار الثقيل عندما أكد أن انتخابات الرئيس لن تنتظر اعداد الدستور بل لابد أن تسبقه طبقًا للاعلان الدستوري. ورفض أبو الفتوح -الذي يزور المملكة اليوم الاربعاء ويلتقي بالجالية المصرية في جدة الخميس وفي الرياض الجمعة- ما ورد في خارطة طريق المجلس العسكري التي تضمنت توقيتات المرحلة القادمة بما في ذلك الانتهاء من إعداد الدستور أولًا ثم اجراء انتخابات الرئاسة المصرية وتسليم مصر لسلطة مدنية قبل نهاية يونيو القادم. وقال: صاحب الكلمة في ذلك هو البرلمان ولجنة اعداد الدستور وليس المجلس العسكري. وأضاف: الدستور لن يسلق.. ولا أحد يستطيع أن يجبر البرلمان على اختيار لجنة اعداد الدستور ولا أن يجبر اللجنة على إنجاز الدستور في شهر مشددًا على أن الدستور يصنعه توافق مجتمعي... وعندما سألناه في الحوار الذي اجرته معه «المدينة» عن أن المجلس العسكري هو من يدير البلاد في هذه المرحلة وهو من يقرر أن يتم الانتهاء من اعداد الدستور ثم انتخابات الرئاسة قال: هذا الكلام قيل في جلسة ويتناقض تمامًا مع الاعلان الدستوري ومع الواقع.. وقال: المجلس العسكري تعهد بعدم قتل المتظاهرين لكهنم قتلوا أمام مجلس الوزراء, وبالتالي لا معنى لكلام في جلسة حتى ولو كان المجلس العسكري هو الذي أصدره إذا كان هذا الكلام يتناقض مع الاعلان الدستوري. محاور كثيرة تضمنها الحوار مع الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح مرشح الرئاسة المصرية.. فإلى نص الحوار: • نود في البداية أن نتعرف على برنامج زيارتكم للمملكة؟ ** ليس هناك برنامج بالمعنى الرسمي لكن سوف ألتقي بوزير الصحة الدكتور عبدالله الربيعة باعتباري أمين عام اتحاد الاطباء العرب ثم ألتقي بالجالية المصرية في المركز الثقافي بالرياض يوم الجمعة وقبلها مع المصريين في جدة الخميس للتحاور حول مستقبل مصر إلى جانب البحث العلمي والمشاكل الصحية. سنكمل الثورة *كيف ترى المشهد في مصر الآن؟ ** تسربت حالة من اليأس والاحباط عند بعض المصريين من منطلق الاعتقاد بأن مصر لن تكمل طريق الثورة لكن هذا غير صحيح وأنا عندي ثقة بأن مصر ستكمل طريق الثورة وتحولها الديمقراطي بنسبة 100% لأن الشعب المصري لن يقبل أن يعاد انتاج نظام هو لم يختره بمعنى أنه لن يقبل بنظام ديكتاتوري يفرض عليه, كما أنني عندي ثقة في الجيش المصري باعتباره مؤسسة وطنية مهنية وأنه لن يقبل الا بنظام ينتجه الشعب المصري, اما أعداء الثورة فهم موجودون ولكل ثورة أعداء وبقايا النظام القديم موجودون ويعملون ضد الثورة ويحاولون تشويه صورتها وتنظيم البلطجية التابع للنظام السابق هو الذي قام بالاعتداء على المنشآت وعلى المجمع العلمي, أما شباب مصر الطاهر فقد أعلنها سلمية منذ بدايات الثورة واستقبل الرصاص «بصدور عارية» ولا يمكن أن يقوم بهذه الاعمال. • لكن هناك من يرى أن المجلس العسكري يفقد رصيده، والمجلس الاستشاري مختلف على دوره، وحكومة الإنقاذ الوطني غير مؤهلة للمهمة الموكلة اليها، والبرلمان يولد ومعه مخاوف عديدة؟ ** صحيح المجلس العسكري يفقد رصيده نتيجة أخطائه وبطئه وسوء ادارته ولكن هذا لا يمكن أن «يبهت» (تنتقل عدواه) على مؤسسة الجيش، لأن من الطبيعي أن من يدير البلد يكون عرضة للنقد والخطأ والرفض والقبول وهذا ما حذرت منه المجلس العسكري منذ أربعة شهور وقلت إن البطء وسوء الإدارة سيتسببان في افساد العلاقة مع الثورة والشعب المصري بعد أن كان شعار الثورة الشعب والجيش إيد واحدة، ولكن للعلم المجلس العسكري لا يمكنه الاستمرار في الحكم أو اعادة سيناريو عام 52 بمعنى أن يستمر، وأنا لا أرى هذا لأن الشعب المصري هو الذي يقرر ويختار من يحكمه عن طريق صندوق الانتخابات, كما أن أداءه يحكم بعدم صلاحيته أما المجلس فلا يملك أن يستمر ولا يرغب في الاستمرار ولا الشعب يرضى أن يستمر. وإذا استمر المجلس فهناك ثلاثة أخطار الأول هو الخطر الاقتصادي، حيث سيهرب المستثمرون والثاني سياسي، حيث ستهتز الثقة بينه وبين الشعب والثالث يتعلق بالامن القومي حيث الانشغال عنه بالعمل السياسي، وبالتالي فقد اصبح من الملح أن ينهي المجلس العسكري فترته. • لكن المجلس العسكري وصل إلى هذه القناعة نتيجة ضغوط شعبية؟ ** نعم.. ويكفي أن تؤدي الضغوط إلى نتائج ايجابية في مصلحة الوطن وليس العكس.. وحسني مبارك طوال 30 عامًا تعرض لضغوط داخلية من أسرته وخارجية من قوى خارجية وتجاوب مع هذه الضغوط ضد مصلحة الوطن وليس العكس. * وماذا عن المجلس الاستشاري؟ ** المجلس الاستشاري لا يضيف للمشهد السياسى شيئًا وهذا ما دعاني إلى الانسحاب منه لأن رأيه غير ملزم وأنا أقول رأيي علنًا وفي أي وقت رغم احترامي لوطنية كل من يشاركون فيه. حكومة عابرة • وحكومة الإنقاذ الوطني برئاسة الدكتور كمال الجنزوري؟ ** إنها حكومة عابرة وليس لها أن تخطط لأكثر من الفترة الانتقالية ويكفيها أن تنجز ملفي لأمن والخدمات وأنا أتصور أنها ستفعل ذلك. ثلاث رسائل • والانتخابات البرلمانية ونتائجها؟ ** لقد أوشكنا أن ننجز المرحلة الثالثة من الانتخابات وما حدث يبعث بثلاث رسائل: الأولى أن الشعب المصري مصر على الديمقراطية وعندما يخرج 60% من المصريين لممارسة حقهم الانتخابي هذا يعني أننا شعب متحضر وحريص على الديمقراطية وقادر على ممارستها وليس كما ادعى مبارك ونظامه أننا متخلفون وغير قادرين على ممارسة الديمقراطية.. والرسالة الثانية أن الشعب أسقط رموزًا كان يتوقع أن تسقط وأنجح رموزًا لم يكن أحد يتوقع أن تنجح.. والثالثة أن الشعب المصري يعلي ويقدر هويته الاسلامية سواء اسلاميين أو ليبراليين وحتى المسيحيين حافظوا على هوية الشعب الاسلامية وأتمنى لمن نجحوا أن يحافظوا على هذه الثقة ويحولوها إلى واقع وممارسة في البرلمان وأنا أرفض المصادرة على وطنية أى فصيل بمن فيهم السلفيون وكذلك الاخوان والليبراليون ربما نختلف أو نتفق مع هذا أو ذاك لكنهم في النهاية جزء من نسيج الوطن وفى المقابل أنا أرفض التخوين والتكفير والتجريح.. وكل هذا ضد مصلحة الوطن ولابد أن نتعاون ونتآلف من أجله. ومصر لن تقبل غير الهوية الاسلامية ولا أحد يستطيع أن يقول أن مصر شعبا ودولة وتاريخ وحضارة غير اسلامية وهى حضارة كل المصريين مسلمين ومسيحيين ومصر دولة مدنية وليست دينية بمفهوم الدولة الدينية في العصور الوسطى لأن الإسلام لا يعرف الدولة الدينية , فلم يكن أبدا في الاسلام دولة دينية بمعنى أنها دولة تحكم بحق الاله. ولا يمكن وصف نجاح الاسلاميين بأن الدولة ستتحول إلى دولة دينية لأن هذا لو كان صحيحًا ما كانت هناك حاجة للانتخابات ولكن كانوا سيستمدون سلطتهم من الاله. • قادتكم جولتكم إلى المدينة والقرية والنجع.. هل وفرت لكم هذه الجولات التعرف بشكل حقيقى على مشاكل المصريين وأزمة مصر الحقيقية؟ وهل تعتقدون أنكم تمتلكون حلولًا لها؟ ** هذه الجولات أقوم بها منذ 42 سنة وتعرفت على مشاكل مصر بحكم الخدمة العامة التي كنت أؤديها وقد شاركت في العمل الخيري والانساني بجانب العمل السياسي وتعرفت على الناس الذين يعيشون في القاع. ولدينا برامج.. للتعليم والبحث العلمي والرعاية الصحية وسنركز عليها في المرحلة الأولى.. نريد نظامًا يستفيد من التجربة الماليزية في التعليم ومن التجربة الكوبية في محو الامية ومن التجربة التركية في الاقتصاد, وهدفنا وجود تعليم كحق لكل مواطن في المجتمع المصري كما نعلي من قيمة التعليم المهني، إلى جانب قانون للرعاية الصحية لكل مواطن مصري منذ الولادة. أما البطالة فهي احدى المشاكل التي سنوليها الاهتمام الكبير وحل المشاكل يرتبط باداء معقد لأنها كلها تصب في النهاية في حل المشكلة الاقتصادية، أيضا نرى ضرورة دعم الاستثمار واعادة المصانع التي اغلقت. • وماذا السياحة؟ ** التسويق السياحي في مصر فاشل فكيف يأتي اليها 10 ملايين سائح في حين يأتي لتونس 20 مليونا (....)، و مصر بها كم هائل ومتنوع من الاشكال السياحية القادرة على جذب أكثر من 50 مليون سائح عن طريق برنامج تنشيطي للسياحة ويجب وضع قواعد لا تحد من حريات السائحين وفي نفس الوقت لا تتنافى مع عادتنا وتقاليدنا، والسائحون يحترمون هذه القواعد دون المساس بحرية الآخرين. • هل ترشح ثلاثة اسلاميين لرئاسة الجمهورية يفتت الاصوات وهل كان الافضل الاتفاق على مرشح واحد؟ ** من حق كل انسان يجد في نفسه الصلاحية أن يترشح وأتمنى أن يتم التوافق على مرشحين أو ثلاثة من بين الجميع فهذا أفضل لهم ولمصر. • * قبل ترشح الدكتور سليم العوا للرئاسة.. أنت قلت أنك ستنسحب لو ترشح؟ ** لم أقل هذا وأنا اول من ترشح من الاسلاميين وسأبقى في السباق للنهاية • لنعد مرة أخرى إلى المخاوف.. ومنها أن النتائج أتت ببرلمان بلون واحد.. ألا تخشون أن تأتي لجنة لإعداد الدستور بلون واحد أيضًا وأن يأتي الدستور نفسه بلون واحد؟ ** من وضع الدستور الامريكي كان برلمانا يسيطر عليه البيض إذ كان ممنوعا دخول السود فيه وبالرغم من ذلك فإن هذا الدستور هو المعمول به إلى الآن ولم يكن دستورًا خاصًا بالبيض والدليل أن الرئيس الأمريكي الحالي من السود ولم يحدث أبدا أن يفصل البرلمان دستورًا على هواه. وهذا تفزيع لأبناء الوطن من الاسلاميين فالدستور لا يجب أن يعبر عن فصيل وانما يجب ان يعبر عن توافق وهنا لابد من التوعية واعطاء كل الناس الحق في مناقشة الدستور وهو ما سيحدث حيث سيشارك الفلاحون والعمال والنقابات وجميع الفئات من خلال استفتاء سيعرض على الشعب وإذا وجد فيه أى خروج على ما يرتضيه سيرفضه والحكم في النهاية سيكون لنتيجة الاستفتاء ولذلك من مصلحة واضعيه أن يأتي معبرًا عن توافق شعبي. • لكننا في استفتاء التعديلات الدستورية وكان على تسع مواد فقط.. أصبنا بحالة من (التوهان) ولم نعد الآن نتذكر هذه المواد؟ ** لذلك أقول أنه لابد من اتاحة فترة زمنية كافية للتوعية والحوار المجتمعي حول الدستور. • الوقت المتاح لوضع الدستور قصير حتى يمكن أن تجرى الانتخابات الرئاسية ويسلم الجيش مقاليد البلاد لسلطة مدنية قبل 30 يونيو؟ ** الانتخابات الرئاسية ستسبق اعداد الدستور • لا.. وطبقًا لخارطة الطريق التي أعلن عنها المجلس العسكري فإن الدستور أولًا ثم الانتخابات الرئاسية؟ ** هذا غير صحيح.. وما قيل صدر عن جلسة للمجلس ويتعارض تمامًا مع الاعلان الدستوري. • لكن ما تقولون أنه صدر عن جلسة أصدره المجلس الذي يدير البلاد حاليًا؟ ** لا توجد قوة تجبر البرلمان على اختيار لجنة اعداد الدستور واعداد الدستور نفسه في شهر أو اقل.. لا يمكن سلق الدستور ويجب أن يأخذ الوقت الكافي. أما مسألة أن المجلس هو الذي يدير البلاد حاليًا فإن المجلس سبق أن تعهد بعدم المساس بالمتظاهرين ورغم ذلك قتلوا أمام مجلس الوزراء. • برأيك الانسب لمصر نظام رئاسي أم برلماني أم برلماسي (بمعنى خليط من البرلماني والرئاسي)؟ ** الأنسب في رأيي نظام مختلط وعند وضع الدستور سيبقى الحكم للشعب • بالمناسبة هل أنت مرشح الاخوان من الباطن؟ ** هذا غير صحيح.. وأنا مرشح الجميع دون الانتماء لأي من الفصائل أو الاحزاب لأن الشعب المصري يحب أن رئيسه يكون على علاقة حميمة بالجميع ولا يفضل أحدا عن أحد فينتمي لفصيل على حساب آخر، ورغم أنني أحد مؤسسي الجماعة في فترتها الثانية وأعتز بهذا التأسيس واعتبر نجاح الاخوان في البرلمان ثمرة لهذا الجهد، الا انني أنا من أعلن نفسه مرشحًا مستقلًا قبل سماع رأى الجماعة. • من بين المرشحين للرئاسة تراه الأنسب لهذه المهمة؟ ** لو وجدت أحدا مناسبًا لما رشحت نفسي مصر والمملكة والعرب • مصر الثورة والدول العربية.. كيف ترى العلاقة؟ ** مصر الثورة رصيد للوطن العربي ودعما لكل الشعوب والنظم والحكومات العربية لذلك يجب عليهم أن يعتبروا مصر الثورة اضافة لهم وليست خصمًا منهم، ومن أجل هذا أوجه نداء إلى كل الحكومات والشعوب العربية أن تقف إلى جانب اخوانهم بمصر والاداء المصري محسوب لكل العالم العربي والاسلامي ونتذكر نصر اكتوبر 73 كان انتصارًا لكل العالم العربي, وبالتالي على الدول العربية أن تدعم مصر وخاصة في الخليج بما يحملونه لمصر من ود وحب عليهم الوقوف بجانب الاقتصاد المصري. • بالنسبة لعلاقة مصر والمملكة؟ ** ستظل العلاقة أحسن وأقوى مما كانت لأن المملكة لها خصوصية بالنسبة لمصر وفي نفوس الشعب المصري، والمملكة محل اعزاز وتقدير للشعب المصري ويعلم كل السعوديين بمكانة مصر لدى الملك عبدالله وهو رجل عروبي يؤمن أن قوة مصر تقوي المملكة وان ضعفها سيضعف المملكة وبالتالي كان موقفه دائما هو الموقف الداعم لمصر كشعب وكدولة لأن قوة مصر امتداد لقوة المملكة. • المصريون في الخارج عانوا كثيرًا من الاستنزاف والتهميش أين موقعهم على خارطة مصر لو اصبحت رئيسًا؟ ** هم محل اهتمام ولابد ان يكون لهم دور في بناء مصر وان يكون للدولة دور عبر الحفاظ على كرامتهم. • وماذا تقول للمصريين في المملكة؟ ** يجب أن تشاركوا في بناء مصر وأن يكون لكم دور في المشاركة في الانتخابات الرئاسية كما كان لكم دور في الانتخابات البرلمانية وان يكون لهم دور في نهضة مصر فهم جزء عزيز علينا وعلى مصر. • أخيرًا مصر إلى أين في نظر الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح؟ ** أرى كل الخير قادم لأن الشعب المصري لن يقبل أن يخرجه أحد عن تحقيق أهداف ثورته ولو اضطر الامر لتقديم شهداء جدد وهذا ما شاهدناه حين حدثت الانحرافات عن أهداف الثورة ومصر لن تعيش في العشوائيات وثرواتها تنهب.