من كتاب المطالعة الرشيدة لتلاميذ المرحلة الابتدائية في خمسينيات القرن الماضي:» يحكى ان أعرابياً نزل ضيفاً على أسرة بالمدينة فأكرمت وفادته وأقامت له وليمة غداء فاخرة، وإمعانا في إكرام الضيف أصر رب البيت على ان يقوم الضيف بتوزيع حصص الدجاج على أهل المنزل، فأجابهم الأعرابي بدهاء: تريدون قسمة زوجية أم فردية، قال الأب بل نريدها زوجية.. فقال الضيف :إذن أنت وولديك ودجاجة أربعة، وزوجتك والبنتين ودجاجة أربعة وأنا وثلاث دجاجات أربعة،!!.. فاندهشت الأسرة وهتف أحد الأبناء، بل نريدها فردية، فقال الإعرابي: إذن الأب والام ودجاجة ثلاثة،والبنتان ودجاجة ثلاثة والولدان ودجاجة ثلاثة، وأنا ودجاجتان ثلاثة»!!.. تذكرت قصة الأعرابي ودجاجات الوليمة ، وأنا أتابع مشهد تكرار القسمة في الجمعية التأسيسية لكتابة دستور مصر، فقد حاول الإخوان تجريب القسمة الزوجية في المرة الأولى التي أجهضها حكم القضاء الاداري المصري ببطلان القسمة، وها هم في المرة الثانية يحاولون خداع القوى السياسية الأخرى بنظرية «القسمة الفردية».وأغلب الظن أن القسمة الفردية أيضا لن تفلح، لأن ما يجري اقتسامه هو وطن لا بضع دجاجات، ولأن ما سيتقرر مصيره على ضوء تلك القسمة، هو مستقبل أجيال سدد بعضها فاتورة التاريخ من دمه، ودفعت بعض الأسر حياة أبنائها ثمنا له. معركة الجمعية التأسيسية المصرية لم تستعر بعد، بسبب تداخلها مع موعد انعقاد المحكمة الدستورية العليا لبحث مصير قانون العزل وما اذا كان المرشح الرئاسي أحمد شفيق سيواصل السباق الرئاسي أم يخرج منه بموجب قانون العزل، وكذلك لبحث مصير البرلمان ذاته .. هل يتم حله باعتبار ان قانون الانتخابات البرلمانية قد خالف الدستور، أم يتم الإبقاء عليه؟! أكتب هذه السطور، والمحكمة لم تلتئم بعد، وتقرأونها، والمحكمة قد اتخذت قرارها، لكنني ككل من احتفوا بالثورة في ميدان التحرير أحلم بسيناريو، ينقذ الثورة، ولا يمكن تيارات الاسلام السياسي من اختطاف الوطن وثورته..أنصتوا جيدا معي الى هذا السيناريو: (1) تصدر المحكمة الدستورية العليا حكمها برفض إحالة دعوى عدم دستورية قانون العزل من قبل اللجنة العليا للإنتخابات الرئاسية باعتبارها ليست جهة اختصاص.ما يعني خروج شفيق من سباق الرئاسة لاستمرار العمل بقانون العزل حتى اشعار آخر. (2) تقرر المحكمة عدم دستورية القانون الذي اجريت بموجبه الانتخابات البرلمانية بشأن ثلث مقاعد الفردي، ما يعني بطلان 180 مقعدا بالبرلمان ، سيتم اعادة الانتخابات بشأنها. (3) يتأخر التصديق على تشكيل «تأسيسية الدستور» فيما يترقب الجميع صدور احكام الدستورية . (4) تقرر المحكمة الدستورية ..بطلان انتخابات ثلث البرلمان ليصبح تشكيل التأسيسية باطلا لصدوره عن برلمان باطل. (5) تعاد انتخابات الرئاسة بإثني عشر مرشحا، سينسحب من بينهم على الارجح ابو الفتوح( اعلن ذلك سلفا) و العوا، وخالد على وابو العز الحريري وربما ايضا عمرو موسى. (6) تنحصر المنافسة بين مرسي وصباحي.. ويخرج الناخبون من مأزق اختيار السييء تجنبا للأسوأ فيسقط مرسي وينجح حمدين. (7) تمتد فترة عمل المجلس العسكري لحين إعادة الانتخابات الرئاسية بعد عزل شفيق. (8) خلال فترة تجميد البرلمان لحين انتخاب الثلث الفردي مجددا، تنتقل سلطة التشريع مجددا الى المجلس العسكري، الذي يصدر مرسوما بقانون يتضمن تعيين مائة عضو بلجنة تأسيسية لاعداد الدستور الجديد للبلاد.( لاحظوا ان جميع دساتير مصر واعظمها دساتير 1923 و 1954 و1971 قامت على اعدادها جمعيات تأسيسية مختارة (بالتعيين) وليست منتخبة. (9) بعد مسيرة طويلة مرتبكة.. يمكن اخيرا وضع حصان الدستور امام عربة الانتخابات. ويتاح للشعب المخدوع تصحيح اخطائه في الانتخابات لاختيار ثلث البرلمان بما يعيد التوازن الى مجلس الشعب الجديد وينهي هيمنة الاسلاميين عليه. (10) استيقظ من نومي لاكتشف أن شيئا من هذا لم يتحقق، وأن غربان السطو على الدولة باسم الدين، يحتلون شجرتها الرئيسية. [email protected]