يحترم الصغير والكبير والموظف العادي والمسؤول الأوامر الملكية الصادرة من المقام السامي لأنها صادرة من أعلى سلطة في البلاد وهو خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- ويسعى المسؤولون الموجهة إليهم الأوامر السامية جاهدين في تنفيذ هذه الأوامر في حينها استجابة للأمر الكريم. ولكن العجيب في الأمر أن هناك أوامر ملكية صريحة تصدر عن الديوان الملكي ويأمر بها خادم الحرمين الشريفين لأي أمر من أمور الدنيا التي تخص عامة الناس، ونلاحظ أن هناك بعض الجهات أو الأفراد يستعصي عليهم تنفيذ الأمر أو يبالغون في إنفاذه حالا، ويبدؤون يفسرون ويؤولون هذه الأوامر حتى يدخلوا عباد الله في دوامة المراجعات والتشتت بين الوزارات والإدارات ومختلف الجهات حتى يتم إنفاذ الأمر بعد فوات الأوان. فهذه أم مكلومة لديها طفل يبلغ من العمر (12 عاما)، ومصاب بمرض خبيث «السرطان»، وقد حفيت أقدامها وأنفقت كل ما لديها من أجل أن تجد العلاج المناسب لأبنها الذي أنهكه المرض، وطرقت كل الأبواب والمستشفيات وعانت الأمرين ولكن بدون فائدة، وأخيرا اتجهت لصاحب القلب الرحيم خادم الحرمين الشريفين العطوف على أبناء شعبه الذي أمر بعلاج ابنها ووصلها الأمر السامي خلال أسبوع من تقديم طلبها، وكادت أن تطير من الفرح بعد استلام أمر العلاج، ولكن فرحتها لم تكتمل لأنها واجهت كلمات الإحباط من (فرد) في الجهة المسؤولة عن علاج هذه الحالات مما ادخلها في دوامة المراجعة والبحث عن واسطة حتى تضمن سرعة علاج ابنها المتألم أمامها، وهي عاجزة تماما من أن تقدم له أي شيء يخفف من معاناته. هذه الأم الملهوفة على ابنها والتي تموت في اليوم مئة مرة وهي ترى ابنها يتلوى من شدة الألم اتصلت مسرعة بالجهة المسؤولة عن تنفيذ الأمر السامي وهي وزارة الصحة ممثلة في الهيئة الطبية بالرياض وتحدّثت مع الموظف بخصوص أمر ابنها، وأعطته أمر القيد 256116، فرد عليها الموظف قائلا: «الديوان الملكي يحوّل المرضى علينا وأمامك آلاف من المرضى ينتظرون حتى ينظر في أمرهم» وبعد أن شرحت له الأم معاناتها وحالة ابنها المؤلمة جدا، رد عليها قائلا: أعطني يومين وسوف أرد عليكم! ومرت الأيام سراعا ولم تسمع من قريب أو بعيد، وهذه أربعة أشهر قد مضت ولم يتصل بها أحد. ونحن نتساءل: هل مثل هذا الكلام يصدر من رجل مسؤول يشغل منصبا في جهة مهمة جدا تعني بحالات المرضى من ذوي الأمراض المستعصية، وتعمل على حل إشكالاتهم، وهل لموظف مسؤول أن يتفوه بمثل هذه الكلمات المحبطة تجاه أم مثقلة بالهموم، مكسورة الجناح، كلها أمل في الله ثم في المسؤولين الخيرين أن يساعدوها في إنقاذ ابنها من براثن هذا المرض القاتل، وأن يعطيها الإنسان بصيص أمل في أن هذا الصغير سوف يشفى بإذن الله وينمو ويكبر ليعين أمه على مصاعب الحياة؟ كيف يتعامل الناس مع هذا الموظف الذي يعامل الأجساد المنهكة بالمرض والباحثة عن العلاج بهذه الطريقة؟ لماذا يبقى هذا الموظف ومثله في مثل هذا العمل الإنساني إذا لم يقدم الخدمة المطلوبة لعموم المراجعين؟ أليس من الإنصاف أن يتحدّث هذا المكلف بخدمة المراجعين بكلمة طيبة تعين هذه الأم الثكلى وتجبر خاطرها وتساعدها على الانتظار حتى يأتيها الفرج؟ نحن نهيب بمعالي وزير الصحة –حفظه الله– أن يضع حدا لهذه التجاوزات التي تصدر من بعض الموظفين (وهم قلة ولله الحمد)، وتعريفهم بحقوق المرضى وتوعيتهم بحسن التخاطب، وأنهم قد وضعوا في هذا المكان من أجل خدمة المواطنين والمراجعين بدون منّ أو أذى، وأن يتعاملوا مع الناس خاصة ذوي الحالات الحرجة والتي لا تحتمل الانتظار في تنفيذ أوامرهم بدون إبطاء أو تأخير، وأن يكون هناك لجنة متابعة لتسريع تنفيذ هذه الأوامر العاجلة في حينها. أليس من حق كل مواطن تحت رعاية هذه الدولة أن يحظى بالرعاية الصحية الكاملة وبدون تكاليف؟ لقد حققت الدولة هذا المطلب بتوفير المستشفيات والمراكز الصحية وغيرها، والتي تقدم خدماتها مجانا لجميع المواطنين، والمقيمين، وحتى مخالفي نظام الإقامة، كما أن للدولة رعاها الله أيادي بيضاء في علاج الكثير من المواطنين في داخل الدولة وخارجها على نفقتها الخاصة، وأنفقت عليهم المليارات، وهذا معلوم ولا ينكره أحد، ولكن سؤلنا ما زال قائمًا: من الذي يصر على تأخير تنفيذ الأوامر الملكية الكريمة، أو يتباطأ في إنفاذها خاصة مع أصحاب الاحتياجات المؤلمة التي لا تحتمل التأخير؟