لا يمكن أن تشكل المناورات البحرية التي بدأتها إيران أمس، رسالة سلام وصداقة لدول المنطقة كما صرح بذلك قائد قواتها البحرية، فالرسالة الوحيدة التي يمكن أن تحملها تلك المناورات أنها استعرض للقوة، وخطوة جديدة في مسلسل الاستفزازات والتهديدات التي دأبت طهران على إرسالها لدول مجلس التعاون الخليجية والمجتمع الدولي بين الحين والآخر. كما لا بد من ملاحظة أن هذه المناورات التي ستستمر على مدى 10 أيام والتي تجري بالقرب من مضيق هرمز الذي يعد ممرا ملاحيا حيويا لعمليات نقل النفط الدولية، تأتي بعد بضعة أسابيع من صدور تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي أشار إلى احتمال أن تكون إيران تعمل على صنع سلاح نووي ونظام لإطلاق الصواريخ، وبعد بضعة أيام من الانسحاب الأمريكي من العراق، وأيضًا بعد بضعة أيام من انعقاد القمة الخليجية في الرياض التي أكدت على حسن نوايا دول المجلس تجاه إيران، واستعدادها لخطو خطوتين مقابل كل خطوة تخطوها إيران. التهديد الإيراني المبطن بإغلاق مضيق هرمز الذي تحمله تلك المناورات، ليس الأول من نوعه، فقد سبق لطهران أن وجهت العديد من الرسائل المشابهة، والتي كان أقربها إلى الذاكرة المناورة البحرية التي أجرتها قبل عامين تحت اسم « النبي الأعظم». إصرار إيران على عدم التراجع عن توجهاتها إزاء دول مجلس التعاون الخليجية من خلال رسائل التهديد تلك، ومن خلال الاستمرار في التدخل في شؤونها الداخلية وزرع بذور الفتنة الطائفية في المجتمعات الخليجية، وإصرارها على تطوير برنامجها النووي، ومواصلة احتلالها الجزر الإماراتية الثلاث، يثبت أنه لا تحدوها أي رغبة حقيقية في أن يسود السلام والأمن والاستقرار منطقة الخليج، وأن كل ما يهمها التحول إلى قوة إقليمية تفرض سيطرتها وهيمنتها على دول المنطقة، وأنها لا تضع أي اعتبار لما يمكن أن تؤدي إليه طموحاتها النووية، وسياسية التصعيد التي تمارسها في تحدي واستعداء المجتمع الدولي من نتائج وتداعيات، وهو ما يؤكد على أن قرار دول مجلس التعاون الخليجية في تبني مبادرة خادم الحرمين الشريفين الخاصة بالاتحاد الخليجي تعتبر ضرورة ملحة لا بديل عنها في مواجهة المخاطر والتهديدات الإيرانية المتزايدة.