طالب شكيب بن مخلوف رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا المسلمين بالعمل الدؤوب وتحويل المساجد إلى دورها الصحيح وانطلاق الحضارة الإسلامية منها ليعود للإسلام والمسلمين عزتهم ونصرتهم وأن يتعلم المسلم ليخدم نفسه ودينه، وذكر أن تهمة المسلمين بالإرهاب أصبحت لا قيمة لها لأنهم يعرفون جيدا أن المسلمين ليسوا إرهابيين ورد ذلك ضمن حواره مع «المدينة» فيما يلي نصه: تهمة باطلة - كيف يمكن للدعاة والمراكز الإسلامية القيام بدورهم وسط هذا الزخم من الاتهام بالإرهاب؟ هذه التهمة أصبحت لا قيمة لها لأنهم يعرفون جيدًا أن المسلمين ليسوا إرهابيين فإذا قام بعض المسلمين بعمليات إرهابية، هذا لا يعني أن أكثر من مليار مسلم إرهابيون ولو أسقطنا هذا المقياس على غيرنا لوجدنا أن شعوب العالم جميعها إرهابيون لأنه لا يوجد شعب إلا ويوجد فيه أشخاص متطرفون قاموا ببعض الأعمال التخريبية حتى في اليابان وأمريكا نفسها وأوربا، ففي أوروبا أجريت دراسة أثبتت أنه خلال أحد عشر عامًا الماضية عمل حوالى أربعة آلاف ومائة وستين عملية تحمل الطابع الإرهابي 3% منها يقف وراء تنفيذها مسلمون فمعنى هذا أن مصطلح الإرهاب يستخدم إعلاميا من أجل حصار الإسلام والمسلمين والمد الإسلامي حتى لا يجد موطئ قدم على مستوى الدول التي بها أقليات إسلامية، فالجمعيات والمؤسسات والمراكز الإسلامية الحمد لله تشق طريقها الصحيح بعد أن خفت عنها التهمة وتبين أنها تقوم بدور إيجابي للتقليل من التطرف الموجود عند البعض وهم قلة، عددهم لا يتجاوز عدد أصابع اليد، وأنا وبحكم عملي الذي يجبرني على التنقل بين بلدان العالم وأداء صلاة الجمعة في أماكن مختلفة أجد باستمرار أناسًا يعلنون إسلامهم فهناك إقبال على الإسلام فجميع المسلمين يقومون بدور جيد حول التعريف بالإسلام، يردنا أشخاص يريدون الإسلام يصطحبهم عمال مسلمون بسطاء فعندما نسألهم عن الدافع الذي دفعهم للإسلام يقول أحدهم: عندما تعاملت مع هذا المسلم البسيط وجدنا لديه خلقا رفيعا وتعاملا حسنا حبّب الإسلام إلينا فبسبب هذا الشخص البسيط غير المتعلم تحسنت صورة الإسلام. فمن أغرب القصص أن معلمًا دخل الإسلام بسبب طفل عمره ست سنوات كان الطفل يحب معلمه ويهدي له الهدايا ويحرص على رضاه لأنه رؤوف رحيم عليه، وفي أحد الأيام ذهب إلى معلمه وطلب منه الإسلام فعندما سأله المعلم عن السبب قال له الطفل: إني أحبك وأريدك أن تدخل الجنة معي فبعدها أسلم هذا المعلم، فهذا لا يعني أننا وصلنا إلى درجة الكمال فنحن نحتاج إلى التطوير والتقدم في آليات العمل والطاقات البشرية وغيرها فالدعوة تحتاج أن تصل إلى كل منزل في أوروبا فالإسلام يملي علينا هذا الأمر وجعله واجبًا علينا. - في الوقت الذي يدعو فيه المفكرون إلى (الحوار مع الآخر) من أصحاب الديانات يؤكد البعض أننا بحاجة إلى الحوار مع بعضنا فما رأيكم؟ هذا يجب أن يكون بشكل موازٍ أي التواصل مع المجتمعات الخارجية يجب ألا يلغي التواصل الداخلي والعكس أيضا فكلاهما يحقق أهدافا مطلوبة في وقتنا الحالي لأننا لا نستطيع أن نواجه المجتمع الخارجي إذا لم يكن صفّنا الداخلي متماسكا فمن أبناء جلدتنا من يجتهد اجتهادا خاطئا يذهب ويفجّر نفسه ويعتقد أنه خدم الإسلام فهذا يحمل فكرًا عقيمًا يحتاج إلى حوار من الدرجة الأولى، ففي السويد مثلا يأتي أحد المسلمين ويفجر نفسه في الأماكن العامة قبل الأعياد الميلادية وهم مجتمع متعاطف مع المسلمين فكيف تتجرأ وتذهب لتقتل أناسًا أبرياء لم نر منهم إلا كل خير فيجب أن نعالج الفكر لأن من يضحّي بأغلى ما عنده وهي حياته معناه أن لديه خللًا في الفكر فالفكرة تتحوّل إلى قناعة ثم إلى سلوك ثم إلى ممارسة خاطئة يظن أنها خدمة للإسلام فالحوار الداخلي مطلوب فعلاقتنا بالغرب أخذت أوجها كثيرة من الصراعات فنحن نريد أن نخفف ذلك فوجودنا في أوروبا تفتح لنا مجالات كثيرة فعلى سبيل المثال نحن أردنا بناء مسجد في السويد ورفض سكان الحي إقامته وهناك نظام ينص على أنه إذا رفض سكان الحي لا يقام المشروع بعد أن رفض المشروع اتصلت بنا أربع كنايس مجاورة للمسجد وعرضت علينا أن تجمع لنا الناس ونقوم بمخاطبتهم لعلهم يقتنعون بفكرة بناء المسجد فجمعوا لنا الناس وتحدثنا معهم بهذا الشأن وقبلوا بفكرة انشاء المسجد وها هو المسجد يقوم بدوره، فالكنائس قامت بجمع الناس لنا لأن بيننا وبينهم حوار فنحن نحاورهم ليس من أجل أن نودّ ويودّون وندهن فيدهنون بل لكي نقلل من الصراعات الموجودة دون أن يؤثر هذا الحوار على عقيدتنا. - المذاهب الإسلامية.. ما رأيكم بشأنها وهل لها دور في التفرقة بين المسلمين؟ المذاهب الإسلامية موجودة.. وهذه المذاهب جزء من الإسلام فهي لا تعرقل لكن لا يجب التشدد في المذهب وكأنه هو الإسلام فنحن في أوروبا لا ندعو إلى تلك المذاهب فيصلي في المسجد أصحاب المذاهب الأربعة دون أن نسأله من أي مذهب فلا يوجد لدينا عنصرية الى مذهب إلا ممن يأتون ألينا من خارج أوروبا فهم يفتون للناس بما في مذاهبهم وإذا حاورهم أحد من المذاهب الأخرى أو ممن هم مطلعون على المذاهب الأخرى يخطئونهم ويعتبرون أنفسهم هم على صواب، فيجب على الدعاة أو من يعمل بالمجال الدعوي أن يطلع على المذاهب الفقهية الأربعة، فعلى المسلمين أن يأخذوا بما هو أيسر من أي مذهب فجميع الآراء التي في المذاهب ليس فيها إثم لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة أن يعملوا بالأيسر والأسهل لهم. قلة الكفاءات المشكلة - ما أهم العقبات التي تقف في وجه العمل الإسلامي وكيف يمكن تجاوزها؟ العقبات كثيرة لعل أبرزها قلة الكفاءات التي لديها خبرة ومرونة في التعامل مع الواقع فنجد أشخاصا مجمدين ليس لديهم مرونة للتعامل مع الواقع وما يدور حولهم فبذلك يجمّدون من حولهم ويشارك ذلك الكفاءات المالية غير المتوفرة فاتساع الأفق مطلوب في العمل الإسلامي لأنه يحتاج إلى عاملين متفرغين يعملون بشكل منظم ومرتب وممنهج وفق رؤية واضحة، كما أن الاختلاف الفكري في المدارس الموجودة حاليا يعتبر عقبة ونحتاج هنا إلى حوار داخلي فيما بيننا فجميع من يشهد «أن لا اله إلا الله محمد رسول الله» من أهل السنة والجماعة لأنهم يعملون بما جاء في الكتاب والسنة فلا يتشبث كل منّا برأيه وأخطر شيء هو عملية إقصاء الآخر فيجب أن نراجع ذلك ويكون هناك تواصل بين المفكرين الإسلاميين لخلق برامج عمل وأجندة موحدة فما يجمع المسلمين أكثر مما يفرقهم فالتركيز على العامل المشترك أهم الاشياء. الربيع العربي - ما رأيكم في الثورات العربية أو كما يقال في الربيع العربي؟ ما حدث كان سيحدث عاجلا أم آجلا لأن أساس الملك هو العدل فللأسف هذه الدول لم يكن فيها عدل ففي تونس كان الإسلام يحارب فالحاكم المسلم يساعد الناس على الإسلام وليس أن يقف في وجه الإسلام والمسلمين فالحمد لله نحن مجتمعات مسلمة حتى وإن لم تلتزم بالإسلام بطريقته الصحيحة تجدها محبة للإسلام نجد عند الاقتراع أن الناس تصوّت للأحزاب الإسلامية ففي تونس صوت مسيحي لحزب النهضة لان هناك ثقة في الإسلام، ونأمل أن تقوم هذه الدول على الديمقراطية التي تحكم بالعدل والمساواة وتحافظ وتحث على الإسلام. - ما النصيحة التي تقدمونها للمسلمين لكي يخدموا أنفسهم والإسلام؟ العلم، العلم، العلم، فنحن قدنا العالم في العصور الماضية عندما كان لدينا علم يجب أن نهتم بجميع العلوم فالحضارة الإسلامية كانت تحكم العالم عندما كان الغرب يعيش عصور الظلام، فالحضارة الإسلامية انطلقت من المساجد لأنه كان مكان العبادة والتعلم، علماء المسلمين انطلقوا من المساجد أنا لا أطالب أن تتحول المساجد إلى مؤسسات تعليمية لكنني أطالب بأن يعود العلم وينبثق من الإسلام كما كان فالغرب تقدم عندما حارب الكنيسة لأنها جامدة تحارب العلم، فنحن المسلمين على العكس لا نحارب العلم، لقد كنّا أذلاء وأعزّنا الله عز وجل بالإسلام - كيف تريدون أن يبدأ العلم من المسجد؟ الرسول صلى الله عليه وسلم قدوتنا بدأ من المسجد كان يستقبل الوفود ويأخذ القرارات في المسجد، أنا عندما أقول هذا لا أطالب حكام المسلمين بأن يأتوا إلى المسجد ويعملون منه إنما أريد أن تكون الروح الإسلامية حاضرة، فالمساجد ليست فقط للصلاة يجب أن يكون لديها حيوية أكثر، فالعلمانية الغربية أبعدت الحضارة وجميع الأمور عن الكنيسة فنحن في أوروبا نحرص أن يؤدي المسجد دوره في مجال العلاقات الاجتماعية والسياسة والاقتصاد لدينا 150 معيارا يتم من خلالها تحقيق دور المسجد وما يحققه للإسلام، نحتاج إلى أن نجمع جميع المؤسسات بما فيها المساجد وتوزع عليها الأدوار ففي أوروبا المسجد ضمن لجنة الطوارئ المكونة، أما البحث العلمي وعودته إلى المساجد فأنا لا أطالب بأن يتحوّل المسجد إلى مختبرات علمية لكن أطالب بأن يساهم في الأعمال المختبرية لأن من كتاب الله تعالى نستطيع أن ننطلق ونبحث فعلى سبيل المثال عندما تقوم المختبرات والأبحاث فيما أمرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق بالقيلولة فنحن لدينا أسس ننطلق منها هي المساجد الكتاب والسنة أما الغرب فهم يبحثون من البداية لا أسس لهم فالغرب عمل بالمنهج التجريبي ووصل.. أما نحن فلم نأخذ لا بالمنهج التجريبي ولا التوفيقي، فالمنهج التجريبي هو ما يقوم به الغرب من أبحاث وتجارب أما المنهج التوفيقي فهو ما جاء به رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم. منزلة القدس - كيف نستطيع الحفاظ على منزلة القدس في الإسلام؟ المسجد الأقصى والقدس أمانة في عنق كل مسلم فجميع المسلمين مطالبون بالجهد والسعي الحثيث لتحرير القدس من الحكم الإسرائيلي لأن ذلك خسارة للإسلام والمسلمين فنحن قصرنا كحكومات وشعوب تجاه الأقصى، أُخذ منّا على حين غرّة فجميعنا يعلم بالأحداث فلا نبكي على الماضي ولكننا يجب أن نتعامل مع الواقع الحالي فنحن نحتاج إلى وحدة إسلامية على مستوى الحكومات الإسلامية فعلى منظمة المؤتمر الإسلامي أن تأخذ موقعها وتتحمل مسؤوليتها وتعطى لها الإمكانيات اللازمة، فالغرب وجميع الناس لا تحترم إلا القوى فالدولة القوية تحترم وتعز والضعيفة لا تحترم ولا تعز، فعلى المنظمات والمؤسسات الإسلامية التوعية تجاه هذا الشيء، فالقدس سوف تعود كما بشّر الله عزّ وجل، فالمسلمون يحتاجون إلى التصنيع والاعتماد على أنفسهم خاصة في المجال العسكري لأنه ربما يأتي يوم ويكون المصدر لك عدوًا، فيوقف جميع ما يصدّره لك فالأمة الإسلامية تحتاج إلى الاستقلالية خاصة الاستقلالية الاقتصادية وتبتعد عن الاقتصاد الربوي لأنه لا أسس له، فتحرير القدس لن يأتي بعمل فوضوي بل يأتي بتقدم الأمة وتقدم حضارتها فعندما تتقدم الأمة حضاريا سيحرر القدس فالقدس ميزان حرارة نستطيع من خلاله أن نقيس تقدم حضارة الأمة فالله عز وجل أكرم الأمة الإسلامية بالثروات والقدرات البشرية ما تستطيع من خلاله أن تحكم العالم فنحن نحتاج بعد الله عز وجل أن نعتمد على أنفسنا في مجال التغذية فلدينا السودان ومصر ممكن لهما أن تصدرا القمح لجميع بلاد العالم الإسلامي بدل أن يستورده من أمريكا وغيرها فنحن أمة وسط موقعنا على خط الاستواء أرضنا خصبة صالحة للزراعة، فنحن في حاجة إلى العمل الدؤوب فبوجود رؤية واضحة نستطيع أن نحقق ما نريد.