بداية الشكر لوزارة الثقافة والإعلام على رعاية الملتقى الثاني المزمع إقامته في الفترة من 26 إلى 29 ديسمبر 2011م للمثقفين السعوديين، وعلى الرعاية الرسمية للملتقى، كما أنه من المهم أن تكون هناك أيضًا لقاءات دورية ومستمرة للمثقفين في وطننا بدون رعاية الوزارة. فالثقافة أبدًا تواصل وحوار ونقد وحرية مسؤولة واستشراف معرفي للواقع الجمالي والاجتماعي على أكثر من صعيد في عالم متعدد الثقافات. والرعاية الرسمية للملتقيات الثقافية، على أهميتها، قد تضع شروطًا وحواجز وضوابط معلنة وضمنية تعمل ضد الثقافة المبدعة التي هي فعل جمالي ومعرفي مغاير. وهنا لا بد من تأييد رأي قديم لمعالي وزير الثقافة والإعلام، وهو نفسه مثقف مبدع، في فصل الإعلام وشروطه عن الثقافة وشروطها، بتخصيص وزارتين إحداهما للإعلام وأهدافه، والثانية للثقافة وأهدافها وقضاياها وممارساتها. وهذا مقترح طرحه ويؤيده أكثر من متابع ومهتم بالشأن الثقافي. جاء في الخبر الرسمي في صحافتنا أن محاور الملتقى الثاني للمثقفين السعوديين على مدار أربعة أيام ستشمل: المكتبات العامة، العلاقات والاتفاقيات الدولية، الجوائز الثقافية، دور المرأة الثقافي، الخبرات الثقافية العربية والدولية، المهرجانات الثقافة والأسواق القديمة، ثقافة الطفل، المراكز الثقافية، الفن التشكيلي، التراث الموسيقى والفنون الشعبية، الصناعات الثقافية، الفنون الأدائية (مسرح، سينما، تلفاز) حيث تختم فعاليات الملتقى بالتوصيات. ولا يخفي المرء دهشته من هذا الاتساع الأفقي الفضفاض في الطرح، فكل محور من هذه المحاور يمكن أن يكون مادة لمؤتمر مخصص لوحده لأيام، دون أن تفيه. إن القائمين على المؤتمر يعرفون ذلك، لكنهم آثروا، فيما يبدو، أن يكون المؤتمر تعريفيًا عامًا وبانوراميًا أفقيًا شاملًا، مما يخلط حتمًا البعد الإعلامي التعريفي عن واقعنا الثقافي بالثقافي المعرفي النقدي المعمق لهذا الواقع. وهذا بالضبط يطرح إشكالية مقاربة العمل الثقافي بأقل قدر ممكن من التأثير الإعلامي الاحتفالي، وهذا التمييز المعرفي والنقدي المطلوب بين الإعلامي والثقافي غائب مع الأسف في تصوراتنا وممارساتنا الثقافية في الغالب الأعم. على سبيل المثال، وليس الحصر كما يقولون، سيتحدث المثقفون عن المكتبات العامة وأهميتها ودورها وتاريخها وتقنياتها، لكن ما الذي أنجزته وزارة الثقافة والإعلام في بلادنا على صعيد إنشاء مكتبات عامة حديثة مجهزة في المدن الكبرى على امتداد مناطق بلادنا، وما الذي وفرته الوزارة من مصادر ثقافية معرفية على الإنترنت للجيل الناشئ وللطفل ولشتى فئات المجتمع؟ وتنبغي الإشارة من باب الإنصاف أن الوزارة نفسها مقيدة بتصورات البيروقراطيين والماليين في وزارة المالية حين اقتراح المشروعات والميزانيات للعمل الثقافي مما تستكثره وزارة المالية. في السياق نفسه، بإمكان المرء أن يسأل أسئلة مباشرة حول الواقع والأداء الفعلي المتصل بمعظم المحاور. ويتوقع، والحال كذلك - كما يقول-، أن يكون اللقاء إعلاميًا احتفاليًا، أكثر من كونه ثقافيًا. وستُقدم الأوراق المتنوعة في الملتقى الثاني للمثقفين السعوديين حول طيف واسع من المحاور المهمة بحضور ألف من المثقفين. وستكون هناك كما في المعتاد معلومات وأفكار وتوصيات، لكن من الذي سينفذ هذه التوصيات، ومتى وكيف؟ أعان الله الوزارة وأعان المشتغلين بالثقافة. (*) رئيس تحرير الموسوعة العربية العالمية