يُقال أن مجلس الوزراء الموقر اشترط على الجهات الحكومية والمؤسسات العامة وما في حكمها التي تحتاج إلى إدراج بنود للتدريب المتخصص في عقود التشغيل والصيانة وتوريد وتركيب الأجهزة المتطورة (قصر) هذا التدريب على (السعوديين) فقط. توجه وطني جميل. ولكن أين هؤلاء السعوديون الذين يمارسون فعلاً أعمال الصيانة المتطورة وغير المتطورة؟! سؤال يبدو غريباً، بل ومستنكراً لمن لا يعلم الحقيقة المرة.. ذلك أن الألوف يتخرجون سنوياً من برامج الصيانة المتخصصة في الكليات التقنية المنتشرة في طول البلاد وعرضها!! ومنذ عودتي بالدكتوراه عام 1401ه إلى جامعة الملك عبد العزيز، وحتى اليوم لا أذكر أني رأيت مختص صيانة سعوديا واحدا يعمل بيديه الكريمتين لإصلاح جهاز في معمل، أو مكيف لا يعمل، أو آخر يدهن طلاء، أو يصلح سيارة. وعندما يتعطل جهاز في معمل يسارع المسؤول عن المعمل إلى طلب مختص الصيانة من الشركة الموردة للجهاز فهو الوحيد الذي يستطيع إصلاح العطل وحل المشكلة. أما جنسية هذا المختص، فغالباً ما تكون (فلبينية) أو ربما (هندية). أما المواطن فلا (خانة) له، ولست أدري هل ذلك تقاعس منه أم قلة خبرة وعلم ودراية، أم أن الوظائف المتاحة لا تناسبه؟! وعلى مستوى القطاع الخاص يتكرر الشيء نفسه وبوضوح شديد، والذي يمر بتجربة تشييد عمارة سكنية أو منزل خاص سيتألم حتماً لأن لا عمارته الجميلة ولا داره السعيدة وطئها مواطن يعمل فيها، بل وحتى بعد تقادمها لا تكاد تجد مواطناً يصون مكيفاً أو يصلح سباكة أو يطلي جداراً أو يمد لكهرباء سلكاً. أريد أنا شخصياً أن أفرح برؤية أمثال هؤلاء، خاصة وأن أرقام البطالة تدك مسامعنا دكاً، وتجثم على صدورنا ألماً وحزناً. قطاع الصيانة الواسع يكاد يخلو من المواطنين بالكامل عدا قلة تمتهن صيانة السيارات وربما أعداد متواضعة جداً في مجالات أخرى للصيانة. وأعلم أن المبررات كثيرة أولها الاجتماعي والثقافي! لكن إلى متى يستمر هذا النزف الاقتصادي ثم نشكو من ضخامة الأموال التي يتم تحويلها إلى الخارج! نريد أن نفرح جميعاً بمواطن يأكل من عمل جاد مثمر بكلتا يديه!!