(1) · تحت دعاوى الحرية الشخصية ، تجردت الأسبوع الفارط فتاة عربية من كل ملابسها ، و قبل ذلك من أخلاقياتها و من كل قيمها بشكل مسيء ومقزز ، و أمام العالم كله .. لم تكن تلك لحظة حرية كما زعمت .. بل هي محاولة بحث عن الشهرة على طريقة الممثلة السويدية ( انيتا اكبيرج ) التي لم يشاهدها احد في وضع محتشم يوما ، حيث كانت تقول إن الملابس خطأ فادح اخترعه ذوو الأجساد القبيحة ..إنها حالة انفلات غريزي ، ترتبط بشكل كبير بحالة الفوضى و بغياب هيبة الحاكم .. ففي الدول المؤسسية ( الديموقراطية ) يحتكم الناس - بما فيهم الرؤساء والزعماء - إلى سيادة القانون وهيبة النظام .. أما في الدول الشمولية فهيبة الحاكم هي كل شيء.. فان سقط الحاكم ( الذي يمسك في الغالب بكل خيوط اللعبة – السلطة،القضاء، الأمن ،الإعلام ) اضطرب واختل كل شيء .. وتحرك الشواذ ! . (2) · لاشيء يعدل الحرية فهي أثمن ما يمتلكه الإنسان .. وهي هبة من الله لا منة لأحد فيها .. كما إنها الطريق الأمثل لرقي الأمم وارتقائها.. أتحدث بالطبع عن الحرية المنضبطة والمسئولة .. فليس هناك حريةٌ مطلقة .. الحرية لابد أن تؤطر بقيود الفضيلة والآداب العامة والمصالح العليا والعامة ..اما الحرية المطلقة فتمثل أقصى أعماق العبث ، تماماً كما كان ( روبنسون كروزو ) يسير عارياً أو على يديه في جزيرته المعزولة .. لم يكن هناك أخلاق ، و لا فضيلة ، و لا قيود، لأنه و ببساطة لم يكن على الجزيرة أحد غيره. (3) تحضّر الأمم يقاس بمدى قدرتها على حساب النقطة الفاصلة بين الحرية والقيود . (4) · القانون الأخلاقي و القيمي الذي اجتهد الإنسان في بنائه منذ أن كان يعيش في الكهوف.. و الذي تطور مع تطوره الإنساني، وساهمت الديانات السماوية وحتى الوضعية في بنائه وتنقيحه، يتساقط اليوم بفعل (الرأسمالية المتوحشة) بعد ان صنعت من الغرائز سلعاً تباع وتشترى .. إنها كارثة عصرنا فعندما تتحول المجتمعات إلى متاجر تبيع الرداءة .. ولا يحكمها إلا قواعد الربح والخسارة .. يصبح إحساس الناس بحريتهم وتفردهم وإنسانيتهم ضرورة .. فقواعد الربح والخسارة تحيل البشر إلى تجار قساة غلاظ. (5) · في ظل التلوث البصري الذي بات يملأ الفضاء العربي ، وبعد أن سنت فرنسا ( إحدى اكبر واعرق معاقل الحرية ) قانوناً يمنع النقاب ، أتساءل: ماالذي يمنعنا من سن قانون يحفظ لنا الحد الأدنى و المقبول «بصرياً» من الحشمة.. لقد ضقنا ذرعاً بالعروض المجانية اليومية من العري التي تقدمها الكباريهات الفضائية تلك التي تغتال الحشمة باسم الإبداع و الحرية الشخصية. · مسكينة أنت أيتها الحرية .. كم من القاذورات تلصق بك.. وكم من الجرائم ترتكب باسمك .