مآثر الأمير سلطان بن عبد العزيز رحمه الله تعالى ، و منجزاته التاريخية كثيرة جداً تضيق بها المجلدات ، و من بين تلك المنجزات قيادته رحمه الله لمسيرة تطور و نمو الطيران بشقيه العسكري و المدني في المملكة على مراحل متعاقبة امتدت عقوداً عدة منذ توليه منصب وزير الدفاع و الطيران عام 1382 ه. و لقد أرتأى ولي الأمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله أن استمرارية تطوير مسيرة الطيران بالمملكة في حاجة ماسة إلى عادة هيكلة جذرية تقتضي المصلحة العامة فيها فصل الطيران العسكري عن الطيران المدني ، و صواباً ما رأى ، فإختار لحمل الأمانة الأولى رجلاً أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه خير خلف لخير سلف صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود وزيراً للدفاع ، و لحمل أمانة الثانية رجلاً من المخضرمين في مجال صناعة النقل الجوي خصوصاً و الطيران عموماً عالماً بشؤونه و شجونه و مداخله و مخارجه هو سمو الأمير فهد بن عبد الله بن محمد آل سعود رئيساً لهيئة الطيران المدني بمرتبة وزير و رئيساً لمجلس إدارة الخطوط الجوية العربية السعودية . و لا يجد المتابع للساحة صعوبةً في حصر أهم تطلعات المواطنين في مجال الطيران المدني في عدد من القضايا من أهمها : أ ) استعادة «السعودية» لألقها العالمي و لعبيرها الوطني العبق الذي فتّح معظم المواطنين أعينهم على الدنيا عليه و شعروا بالإنتماء إليه ، و على دورها التنموي و لريادتها التاريخية في المنطقة بعد أن تراجعت كثيراً في الآونة الأخيرة عن الصدارة العالمية , بغض النظر عن جهود الخصخصة التي قد تكون راجت مفاهيمها في مرحلة سابقة و أثبتت المتغيرات العالمية بأنها ليست دوماً هي الحل الأمثل و لا حتى الأفضل على الأقل ليس تحت كل الظروف و في كل البيئات المختلفة ، بل و التي أثبتت التجارب العالمية الأخيرة أن الدول الرأسمالية العظمى هي أول من يخالف مفاهيم الخصخصة و السوق الحرة فتتدخل لصالح ناقلاتها الوطنية بمليارات الدولارات كلما أقتضت الحاجة ، و أن العديد من شركات النقل الجوي المصنفة ضمن أفضل خطوط النقل الجوي عالمياً مملوكة لبعض دول الجوار و ليست ملكاً للقطاع الخاص. ب ) و أن يتم إعادة تشكيل و تشغيل مطارات المملكة لا سيما الدولية منها طبقاً لمفاهيم المطارات الإقتصادية العالمية الحديثة ، حيث تعتبر المطارات مدنا اقتصادية مصغرة يتحور دورها من مجرد محطات تقدم البنية التحتية اللازمة لعمليات الطيران إلى أقطاب للنمو و الازدهار الاقتصادي ، و يشترط فيها قدرتها على تقديم كافة الخدمات المناسبة لاستقطاب الأعمال و الصناعات المتطورة التي تجلب معها القيمة الاقتصادية المضافة. و تضطلع بدورٍ شبيه بذلك الدور الذي لعبه القطار إبان الثورة الصناعية و اليوم تحول ذلك الدور إلى وسيلة النقل الأنسب ألا وهي الطيران فغدت المطارات المتطورة بمثابة آلية استقطاب لتمركز الصناعات بالقرب منها و ما يتمحور حولها من وسائل النقل الأرضية كالخطوط السريعة و خطوط القطارات لتتمكن من خلال كل ذلك الى الوصول السهل إلى الأسواق العالمية في زمن قياسي ، بحيث أضحى من المستحيل اعتبار أي منطقة كمركز تجاري إقليمي ما لم تتمتع بوجود المطارات الكبيرة متطورة الخدمات. ج ) تغطية احتياجات السوق من خدمات النقل الجوي الداخلي و الإقليمي و العالمي تغطية كاملة ، بعد أن أصبح الحصول على حجز مقعد بين كبريات المدن في المملكة أمراً يشبه المعجزات ، و إستفادة من الحيثيات الاستراتيجية الخاصة التي تتمتع بها «السعودية» كمثل حرص ما يزيد عن 15 مليون حاج و معتمر سنوياً على إختيار الخطوط الجوية السعودية كناقل جوي من و إلى أراضي الحرمين الشريفين و المشاعر المقدسة كمقدمة. و لا يتصور ذلك دون نمو كبير متوقع في إسطول «السعودية». د ) تهيئة الظروف التنافسية للطيران الإقتصادي ( منخفض التكاليف ) السعودي : الذي نجح في كثير ٍ من مناطق و دول العالم لا سيما في أوربا و الولاياتالمتحدة ، و في الجوار المحلي الإقليمي في عدد من دول الخليج العربي ، و ربما كان من المناسب تأسيس عدد من شركات النقل الجوي الإقتصادي السعودية و فتحها للإكتتاب العام. إسناد أمانة الطيران المدني لسمو الأمير فهد بن عبد الله بن محمد آل سعود كان بمثابة من أعطى القوس باريها ، و الله أسأل لسموه العون و التوفيق و السداد .