«العيد فرحة» أغنية اعتاد المصريون سماعهما في كل الأعياد، ولكن تبدو باهتة هذا العام؛ بسبب الجدل المتصاعد في الشارع المصري، والانقسام الحاد حول الكثير من القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية، وانعكس هذا الجدل سلبيًّا على استعدادات المصريين للعيد المبارك، وبصورة مغايرة لعادات وتقاليد المصريين في احتفالاتهم به، ويتصدر الخلاف حول وثيقة المبادئ الدستورية المشهد السياسي، وتهدد جميع الأحزاب السياسية والمرشحون للرئاسة المصرية بالنزول إلى الشارع، والعودة إلى «المليونات» للضغط على الحكومة المصرية والمجلس العسكري بإلغائها، والانتظار إلى حين انتخاب مجلس الشعب القادم، وتشكيل اللجنة الدستورية المكلفة بصياغة دستور جديد للبلاد. وحددت القوى 18 نوفمبر الجاري موعدًا لانطلاق المليونات المناهضة للمبادئ الدستورية، رغم التعديلات التي أجراها نائب رئيس الوزراء الدكتور علي السلمي على الوثيقة التي تقضي بحماية القوات المسلحة من أي رقابة، وتمنح ضباطها حق الاعتراض على أي تشريع يتعلق بالشؤون العسكرية؛ ممّا زاد من حالة الاحتقان في الأوساط السياسية. وتهدف الوثيقة إلى الحد من النفوذ المحتمل للإسلاميين عند كتابة الدستور الجديد، بعد انتهاء الانتخابات البرلمانية؛ ممّا أثار غضب الإخوان المسلمين، وقال سعد الكتاتني المتحدث باسم حزب العدالة والحرية إن الوثيقة قد تؤدّي إلى ثورة أخرى، ووصفها المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية الدكتور محمد البراعى بالمشبوهة، مطالبًا بسحبها. وتحوّلت الوثيقة إلى أزمة تزيد من إشكالية انتقال مصر نحو حكم مدني، ويرى المنتقدون أن الوثيقة من شأنها خلق دولة عسكرية داخل الدولة، والتقليل من قيمة النظام الديمقراطي الذي تعهد به قادة المجلس العسكري منذ توليهم المرحلة الانتقالية. والنزاع القائم سمم بالفعل المناخ السياسي قبيل الانتخابات المقررة في 28 نوفمبر الجاري، وقلل من فرحة المصريين بالعيد، كما اعتادوا أن يحتفلوا به عبر السنوات الماضية. وتتقاطع أزمة الوثيقة الدستورية مع أزمة السماح للمصريين بالخارج بالتصويت في الانتخابات، ممّا زاد من سخونة الأزمات السياسية التي انعكست سلبيًّا على استعداد المصريين للفرحة بالعيد بعدما زاد الانفلات الأمني من التقليل من مظاهر العيد، ويخشى المصريون من الخروج -كما هو معتاد في الأعياد- من حوادث البلطجة التي زادت بنسبة 300% عقب ثورة 25 يناير، كما أن انتشار البلطجة بصورة غير مسبوقة زاد من مخاوف المصريات من حدوث «تحرش» في الحدائق العامة والميادين، ولاسيما بعد تواتر الأخبار عن عمليات اختطاف للبنات في المناطق العمرانية النائية، كما تحوّل الارتفاع الجنوني في الأسعار، وخاصة لحوم الأضاحي؛ ممّا دفع الكثير من المصريين إلى العزوف عن «الأضحية» بعدما زادت أسعار الخراف الحية بنسبة 50%، وزادت أسعار اللحوم المذبوحة بنسبة 30%، في الوقت الذي فقد بعض المصريين مصادر الدخول الإضافية، وخاصة القطاعات العاملة في الأنشطة التجارية والقطاع السياحي. من جهتها قالت الدكتورة سامية الجندي رئيس جمعية حماية المستهلك إن معظم التجار استغلوا الكثير انشغال معظم الأجهزة الرقابية بالقضايا السياسية، وانعدام الرقابة على الأسواق ليرفعوا الأسعار، ويحتكروا السلع.